اسم الکتاب : حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر المؤلف : عبد الرزاق البيطار الجزء : 1 صفحة : 740
وتفحصه عن خباياها، حتى رزقه الله حظاً صالحاً ومقاماً في الأنام راجحاً ناجحاً، وهو ي ذلك أخذ بحجزة الأتباع، شديد التوقي من نواشط الرأي والابتداع " النواشيط: جمع ناشط وهو الثور الوحشي يخرج من أرض إلى أرض "، فنمي بذلك علمه، وتوفر من القبول سهمه، وجرى بالخير التام والثناء الحسن على ألسنه المتبعين اسمه:
نوابنا الصديق نابغة الزمن ... يطوى به الذكر الجميل وينشر
وكان أخذه هذا العلم الشريف وانتفاعه فيه عن أكابر ممن أدركهم من محدثي اليمن الميمون وعلماء الهند، ولما حصلت له الإجازة المعتبرة من مشايخ السنة، وأسود غابات الحديث شداد المنة، شمر عن ساق الجد والهمة، لجمع الأحكام التي نقطت بها أدلة الكتاب وحجج السنة، من غير تعصب لعالم من أهل العلم ومذهب من المذاهب، وألف في كل باب من أبواب الشريعة الحقة الصادقة المحمدية ما لم يؤلف مثله لهذا العهد الأخير، وانتفع به أجيال من الناس كثير، وسارت بمؤلفاتهه الركبان إلى أقطار الأرض هندها وشامها ويمنها، ومصرها ورومها، وحجازها وشرقها وغربها، وذلك من فضل الله تعالى، وكان فضل الله عليه كبيرا. ثم أن الله سبحانه وتعالى خوله من المال الكثير، ومن علي بالحكم الكبير، والأولاد السعداء والنسب الحميد، والحسب المزيد، ما يقصر عن كشفه لسان اليراع، ولو كشف عنه الغطاء ما ازداد الواقف عليه إلا يقيناً وإن أنكرته بعض الطباع، وهو الذي يقول لأخلاقه مقتدياً بأسلافه بفم الحال ولسان المقال: " اعملوا آل داود شكراً وقليل من عبادي الشكور " " وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار "
اسم الکتاب : حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر المؤلف : عبد الرزاق البيطار الجزء : 1 صفحة : 740