اسم الکتاب : حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر المؤلف : عبد الرزاق البيطار الجزء : 1 صفحة : 420
حسب إرادة انكلاتيره أن حكم بعقاب عرابي، لكن الخديوي عفا عنه لأنه لم يفعل شيئاً إلا عن وفاق من يتبع وأبقى له مرتباً للقيام بنفسه، ونفي هو وكبراء الرؤساء إلى جزيرة سيلان في الهند، وذاك هو التعليل الباطني، مع أن حزباً عظيماً من الانكليز يرون أن جناية أولئك العساكر سياسة توجب القتل، فلذلك حكم عليهم المجلس الحربي بالقتل لكن الخديوي عفا عنهم، وأبدل القتل بالنفي، ولم تزل العساكر الانكليزية مقيمة بمصر ورجالهم السياسيون هم مرجع الأمر والنهي والوزارة تحت رئاسة شريف باشا، وناظر الداخلية الذي له كمال النفوذ رياض باشا وانكلاتيرة بصدد ترتيب حالة جديدة للسيرة السياسية داخلية وخارجية لمصر، مع إعلانها بأن مصر تحت سيادة الدولة العثمانية على امتيازاتها المقررة بالفرامانات السلطانية، وأن التراتيب التي هي بصددها لا تمس شيئاً من حقوق الدولة، ولا معاهدات الدول الأجنبية، وتقلص نفوذ فرانسا في مصر ولم تزل غير مسلمة رسمياً لانكلاتيرة بمرادها، وللروسية ميل إلى معاضدة فرانسا، هذا ما وقع إلى الآن وهو المحرم سنة ألف وثلاثمائة. أن فرانسا لما فتح مجلس نوابها لاستشارته في حرب مصر أنكر ذلك أشد الإنكار، فسحبت أسطولها وبقيت على الحياد، والدولة العثمانية وإن وافقت أخيراً على إرسال عسكرها لكن تشدد الإنكليز في جعله تحت أمرهم، وأن لا يتصرف إلا على نحو إشارتهم، وأن يخرج متى ما أمروه بالخروج ألزم تأخر إرساله، وكان تصرف العساكر المصرية بغاية الاحتراز من الأفعال البربرية، سوى ما صدر من أفراد من العربان والفلاحين في جهات قليلة، وبينما الأمر على ذلك وإذا بالدولة العثمانية نشرت إعلاناً حسب طلب انكلتيرة، بأن عرابي وكل من انحاز إلى حزبه عصاة، فلم يمض على ذلك بضعة أيام إلا وقد انحلت عرى التعصب المصري، ودخلت العساكر الانكليزية إلى القاهرة بدون أدنى حرب ولا معارضة، مع أن الجيش المصري ومن انضم إليه من العربان وغيرهم المتجاوزين المائة ألف والخمسين ألف محارب بأتم قوات الاستعداد، فتفرقوا جميعاً أيدي سبا في بضع ساعات، وسلم عرابي نفسه أسيراً إلى الانكليز، فرجع الخديوي إلى مصر وأقيم وكيل مدافع انكليزي عن رؤساء العساكر المصرية، وآل الأمر حسب إرادة انكلاتيره أن حكم بعقاب عرابي، لكن الخديوي عفا عنه لأنه لم يفعل شيئاً إلا عن وفاق من يتبع وأبقى له مرتباً للقيام بنفسه، ونفي هو وكبراء الرؤساء إلى جزيرة سيلان في الهند، وذاك هو التعليل الباطني، مع أن حزباً عظيماً من الانكليز يرون أن جناية أولئك العساكر سياسة توجب القتل، فلذلك حكم عليهم المجلس الحربي بالقتل لكن الخديوي عفا عنهم، وأبدل القتل بالنفي، ولم تزل العساكر الانكليزية مقيمة بمصر ورجالهم السياسيون هم مرجع الأمر والنهي والوزارة تحت رئاسة شريف باشا، وناظر الداخلية الذي له كمال النفوذ رياض باشا وانكلاتيرة بصدد ترتيب حالة جديدة للسيرة السياسية داخلية وخارجية لمصر، مع إعلانها بأن مصر تحت سيادة الدولة العثمانية على امتيازاتها المقررة بالفرامانات السلطانية، وأن التراتيب التي هي بصددها لا تمس شيئاً من حقوق الدولة، ولا معاهدات الدول الأجنبية، وتقلص نفوذ فرانسا في مصر ولم تزل غير مسلمة رسمياً لانكلاتيرة بمرادها، وللروسية ميل إلى معاضدة فرانسا، هذا ما وقع إلى الآن وهو المحرم سنة ألف وثلاثمائة.
تذييل
اعلم أن مصر مملكة عثمانية لها امتيازات خاصة بينها الفرمان الصادر في ولاية الخديوي المترجم المرقوم وهو محمد توفيق باشا وهذا نصه: الدستور الأكرم المعظم، الخديوي الأفخم المحترم، نظام العالم، وناظم مناظم الأمم، مدبر أمور الجمهور بالفكر الثاقب، متمم مهام الأنام بالرأي الصائب، ممهد بنيان الدولة والإقبال، مشيد أركان
اسم الکتاب : حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر المؤلف : عبد الرزاق البيطار الجزء : 1 صفحة : 420