اسم الکتاب : حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر المؤلف : عبد الرزاق البيطار الجزء : 1 صفحة : 263
بعض الأولاد، فمسكوا منهم جملة وقيدوهم بالحديد وأمروهم بالكنس والرش تأديباً لهم عن هذا الفساد، فقامت عصبة جاهلية في باب البريد من الجهال الطغام، ونادوا بأعلى صوتهم يا غيرة الله ويا دين الإسلام، وكان الوقت قبيل العصر من ذلك اليوم المرقوم، وتلاحقت الأشقياء إلى حارة النصارى كأنه لم يكن عليهم بعد ذلك عتب ولا أحد منهم على فعله مذموم، وأقبلت عليهم الدروز أفواجاً أفواجا، واشتغلوا بالحرق والقتل والسلب والنهب أفراداً وأزواجا، فأنشأت في الحال خطبة وخطبتها في جامع كريم الدين في الميدان بحرمة هذه الأفعال، وأنها موقعة لأربابها في أودية النكال، وأنهم محترمون لا يجوز لهم التعرض بحال، وأن لهم ما لنا وعليهم ما علينا، ومن تعرض لهم بسوء فقد باء بالخزي والنكال، فانكف أهل الميدان عن سفك الدماء، واجتلبوا ما قدروا على اجتلابه من الرجال والنساء، لحمايتهم من الأشقياء.
لنصرة الحق قد قاموا بأسرهم ... وربهم باليد العليا لهم نصرا
صانوا الحريم مع الأطفال واحتسبوا ... على الغريم برب للورى فطرا
لما استقلوا بميدان الوغى كملا ... من كل قرم يفوق الليث لو زأرا
فالله بالمدد العلوي أيدهم ... من كل سوء ومن عاداهم خسرا
هم الكرام لهم في كل حادثة ... غوث الصريخ وبذل وافر وقرى
جزاهم الله خيراً عن جميع بني ... دمشق والأجر عند الله لن يترا
والوالي ما زال على إهماله، وسكوته وعدم سؤاله، غير أنه عين للمحافظة
اسم الکتاب : حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر المؤلف : عبد الرزاق البيطار الجزء : 1 صفحة : 263