responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر المؤلف : عبد الرزاق البيطار    الجزء : 1  صفحة : 19
انزعاج شديد، وشرع أهل القرى والأطراف في نقل الأمتعة لداخل السور، وكتب وزير الشام إلى الباشوات الذين في حمص ومعهم وزير حلب أن يعينوا أهل الشام بعساكر من عندهم، وأرسل إبراهيم باشا إلى بعض أعيان دمشق كتاباً مؤرخاً في تاسع المحرم يهددهم فيه، وفي آخره أن بلاد عربستان قد ملكناها بسيفنا ولا يأخذها أحد منا ما دمنا في قيد الحياة. وفي رابع عشر المحرم وصل بعض جيوشه إلى قريب من قرية داريا قرية من قرى الشام بينهما نحو ثلاثة أميال، فخرج إلى لقائهم خلق كثير من أهل دمشق فقاتلوهم قتالاً يسيراً، ولم يقصد كل من رؤساء الفريقين إضرار الآخر، وقتل من كل فريق رجل أو رجلان، ثم رجع أهل الشام مظهرين الانكسار، ولم يبق من أهل الشام رجل خارج البلد، وبات أهل البلد تلك الليلة في كرب شديد وكل أهل محلة يحفظون محلتهم، وفي ليلة الخميس خامس عشر المحرم نصف الليل هرب علي باشا وزير الشام وعسكره والقاضي والمفتي المرادي والنقيب العجلاني ومحمد جوربجي الداراني، وجميع أبناء الترك الموظفين، وغالب وجوه الشام، وأصبحت البلدة نهار الخميس خالية من رؤسائها وأعيانها ولم يبق أحد ممن يعتمد عليه، فأرسل إبراهيم باشا إلى أحمد بيك الدالاتي ربيب يوسف باشا الكنج فأقام متسلماً في البلد، وأمر منادياً ينادي بالأمان، وفي ضحوة النهار دخل العسكر إلى السرايا والمرجة، ثم دخل إبراهيم باشا قبيل الظهر وطلب أن يتسلم القلعة من رئيسها علي آغا عرمان فأجابه بالامتثال وفتح الباب، فأدخل ذخيرته إليها وعسكره وقت العصر، وجاءه في ذلك النهار أمراء الدروز ومعهم خلق كثير من نصارى ودروز، وقد لطف المولى سبحانه وتعالى كما هي عادته برفع القتال وبالإذعان والتسليم من دون ضرب ولا طعن ولا سفك دماء، ثم كتب إلى الهاربين أن يرجعوا إلى أوطانهم
فالذين ذهبوا إلى حمص وهم الباشا والقاضي والداراني ورؤساء المغاربة والأكراد أبوا الرجوع واستقاموا مع بشاوات العساكر السلطانية، وأما الذين ذهبوا إلى القريتين وهم المفتي والنقيب ورشيد آغا وكيلا راميني فإنهم رجعوا إلى دمشق، ثم عزم إبراهيم باشا على قتال الذين في حمص فشرع في جمع الذخائر والعساكر، وورد إليه من مصر عسكر كثير من النظام والأعراب وغيرهم، واجتمع عند عباس باشا أيضاً في بعلبك جموع كثيرة، ثم خرج إبراهيم باشا من دمشق في ثالث صفر وأخرج معه رؤساء المحلات كالرهينة، وأقام مقامه أحمد بك الدالاتي ونصب القلالق في المحلات، ثم جاء الخبر يوم الثلاثاء في ثاني عشر صفر أنه حصل بينه وبين العسكر السلطاني في حمص قتال نهار السبت تاسع صفر، وأنه قتل منهم نحو خمسة آلاف وأسر نحو أربعة آلاف وفر باقي العسكر والباشوات وكانوا نحو ثلاثين ألفاً، وأخذ مدافعهم وذخائرهم وخيامهم وسائر موجوداتهم، وكان في قلعة حمص جماعة منهم فطلبوا منه الأمان فأمنهم وأنزلهم من القلعة وتسلمها منهم، وبعث إلى متسلم الشام بأن يعلن بالنصر فأمر أهلها بالزينة ثلاثة أيام ثم توجه نهار الثلاثاء ثاني عشر صفر إلى جهة حماه وهرب متسلمها، فأقام فيها متسلماً رشيد آغا الشملي ثم بلغه الخبر أن حسين باشا سردار وصل إلى حلب وأن الباشوات الهاربين من حمص ذهبوا إلى حلب أيضاً مع عساكرهم، فلحقهم إبراهيم باشا ونزل قبيل حلب بنحو أربع ساعات، فطلب حسين باشا من أهل حلب أن يخرجوا معه لقتال إبراهيم باشا فقالوا له نحن لا نقاتل معك ولا معه بل نحن رعية لمن غلب فإنا نخاف على أنفسنا وعيالنا، فخرج حسين باشا من حلب هارباً هو وبقية العساكر والباشوات وترك بعض العسكر الذي جاء به وذخائره، فخرج أعيان حلب إلى إبراهيم باشا يستقبلونه وينالون أمانه، فدخلها ليلة الثلاثاء تاسع عشر صفر بلا قتال أصلاً، ثم خرج منها يوم الأربعاء السابع والعشرين من صفر إلى أنطاكية وعينتاب واللاذقية، وورد الخبر نهار السبت سابع ربيع الأول أنه استولى على حصن اسكندرونة وعلى حصن بانياس وبيلان، وكان فيه حسين باشا وحصلت مقتلة عظيمة، ثم هرب حسين باشا ومن معه من الوزراء والعساكر الكثيرة، وقد شاع أنها مائة وخمسون ألفاً، وترك جميع مهماته ومدافعه وذخائره، ثم سار إبراهيم باشا بعد ذلك إلى أدنه وقد دخلها من غير قتال في غرة ربيع الثاني وأقام بها شهراً، ثم حاصر بركله ومن فيها من العساكر السلطانية ودخلها في غرة جمادى الأولى بعد قتال رشيد باشا، وفي آخر جمادى الثانية قدم إلى دمشق رشيد بك أميراً عليها من قبل محمد علي باشا، وفوض إليه النظر في أمر بلاد الساحل والقدس وغزة والشام وحلب، ثم جاء الخبر في خامس رجب أن إبراهيم باشا دخل إلى قونية وكان فيها أربعة عشر وزيراً، فلما سمعوا بوصوله هربوا ودخلها بلا حرب ولا قتال، وجاء الأمر إلى دمشق بالزينة وضرب المدافع ثلاثة أيام في كل يوم ستين مدفعاًن ثم جاء الخبر في آخر شعبان أن الوزير الأعظم جاء إلى قريب من قونية، فخرج إليه إبراهيم باشا وأسره وفرق جمعه وأسر من عساكره نحو سبعة آلاف، وأرسل إلى مركز سورية دمشق الشام بعمل الزينة ثلاثة أيام ليلاً ونهاراً مع ضرب المدافع وإظهار دواعي السرور والحبور، وقد نظم أمين أفندي الجندي الشاعر هذه القصيدة مادحاً إبراهيم باشا ومتعرضاً بها لهذه الوقائع التي تقدم ذكرها، وكان بنظمها كما قيل: مكره أخاك لا بطل. ذهبوا إلى حمص وهم الباشا والقاضي والداراني ورؤساء المغاربة والأكراد أبوا الرجوع واستقاموا مع بشاوات العساكر السلطانية،

اسم الکتاب : حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر المؤلف : عبد الرزاق البيطار    الجزء : 1  صفحة : 19
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست