اسم الکتاب : حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر المؤلف : عبد الرزاق البيطار الجزء : 1 صفحة : 1364
أو القاضي، فهلم إلى حضرة الأمير، ولا ينبئك مثل خبير فإنه لا زالت عين العلا به قريرة، موسوم بحسن السيرة وطيب السريرة، فقال له على الخبير سقطت، وضالة الحكمة لقطت، وإني معترف بعدله في فصله، مغترف من بحر جوده وفضله، فهو الإمام العادل، والعالم العامل، فأمليا عليه سورة الواقعة والمجادلة، فحضهما على حسن المعاملة ودوام المجاملة، وقال لهما جانحاً إلى الصلح في جواب سؤاله: بعد حمد الله والصلاة على محمد وآله، إنكما كفتا ميزان أصحاب الرقائق، ودفتا كتاب أرباب الحقائق، بكما يتحلى المرء بحلا سعادته، ويتخلى من فضول طبيعته وعادته، فأنتما في الشرف رضيعا لبان، وفي مضمار المجد والفخر فرسا رهان. هذا وإن كنتما ابني ضرتين ظلمة ونور، فأبوكما هو الزمان الذي عليه أفلاك الوجود تدور، وعليكما باطراح رداء الافتخار، فإن العبد لا يسود إلا بالافتقار، بارك الله فيكما وبلغكما المرام، ومنحكما كمال التوفيق وحسن الختام. ولما أصلح ما بين الليل والنهار، وبوأهما مهاد الألفة بعد الوحشة والنفار، وردا من رشده موارد الائتلاف، وطرحا أعباء التعصب والاختلاف، فقلت مادحاً لحضرته الشريفة، مستمداً من علومه وأسراره المنيفة:
قد أسفرت بين العذيب وحاجر ... خود سبت أهل الهوى بمحاجر
هيفاء طرتها غدت تحكي دجى ... ليل وغرتها كصبح زاهر
يفتر جوهر ثغرها عن لؤلؤ ... أجريت منه عقيق دمع هامر
لله خال عم روضة خدها ... لطفاً على ورد جني عاطر
لما بدت تختال تيهاً خلتها ... بدراً على غصن رطيب ناضر
أسرت فؤادي في الغرام وأطلقت ... دمعي ومالي في الهوى من ناصر
ضنت بحسن وصالها يا ليتها ... منت علي ولو بطيف زائر
أنى يشاهد طرف صب ما درى ... طعم الكرى طيف الغزال النافر
اسم الکتاب : حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر المؤلف : عبد الرزاق البيطار الجزء : 1 صفحة : 1364