اسم الکتاب : تتمة صوان الحكمة المؤلف : البيهقي، ظهير الدين الجزء : 1 صفحة : 3
قاد الحكمة بزمامها، وكان مكفوفاً يقوده تلميذه إلى ديار المرضى. وكان أبو الخير يهجنه في كتاب امتحان الأطباء. وقال: من قاد أعمى شهراً، يعني ذلك الطبيب، تطبب وعالج وأهلك الناس. وقال ابن تكين: إن الحمية في النهاية ليست بمحمودة، والطرفان من الإجحاف والإسراف مذمومان، والواسطة أسلم.
الحكيم أبو الخير الحسن بن بابا
بن سوار بن بهنام كان بغدادي المولد وقد حمل إلى خوارزم ثم لما استولى السلطان محمود بن سبكتكين على خوارزم حمله إلى غزنة، وعرض عليه الإسلام فأبى، وعمره جاوز المائة.
فمر يوماً بمكتب فيه معلم حسن الصوت يقرأ سورة ألم أحسب الناس. فوقف وبكى ساعة ومر، فرأى في هذه الليلة في منامه النبي عليه السلام وهو يقول له: يا أبا الخير مثلك مع كمال علمك يقبح أن تنكر نبوتي. فأسلم أبو الخير في منامه على يد رسول الله.
فلما انتبه من منامه أظهر الإسلام، وتعلم الفقه على كبر سنه، وحفظ القرآن، وحسن إسلامه.
وقد حكم له أبو الريحان المنجم بنكبة قاطعة، فدعاه السلطان محمود يوماً، لعارض عرض له، وبعث إليه مر كوبه، فمر على سوق الخفافين فنفرت دابته، وأهلكت أبا الخير. وتمام قصته وقصة ابنه أبي علي ابن أبي الخير مذكور في تاريخ آل سبكتكين. وقد صنف ذلك التاريخ أبو الفضل محمد ابن الحسن البيهقي الكتب.
وقال أبو علي ابن سينا في بعض كتبه: فأما أبو الخير فليس من عداد هؤلاء ولعل الله يرزقنا لقاءه فيكون إما إفادة وإما استفادة.
وبعض الناسخين يكتب فأما أبو نصر وهذا غلط عظيم، لأن أبا نصر الفارابي مات قبل ولادة أبي علي بثلاثين سنة.
وقد أفرد السلطان محمود للحكيم أبي الخير ناحية يقال ناحية خمار، ونسب أبو الخير إلى تلك الناحية وقيل له أبو الخير خمار، تمييزاً بينه وبين أبي الخير صاحب البريد بقصدار وقدسها من قال هو أبو الخير الخمار. وله تصانيف كثيرة في أجزاء العلوم الحكمية ورأيت له (رسالة) إلى الوزير الأمين أبي سعيد فيها كلمات نافعة شافية.
وقيل لأبي الخير بقراط الثاني وحق له ذلك فإن النبي عليه السلام سماه في منامه عالماً.
وسئل أبو الخير حين كان نصرانياً عما يأكل ويشرب كل (يوم) فقال: المدققة والمرققة والملبقة والمروقة.
وله تصانيف لطيفة في تدبير المشايخ عجيب جداً. ومما نقل عنه: أحسن القول ما وافق الحق.
من طلب ما في أيدي الناس حقروه ومن صنع خيراً أو شراً فبنفسه ابتدأ.
المتمسك بالغرور كالمقتبس من ضوء البرق الخاطف.
الحكيم متى بن يونس المترجم
كان حكيماً نصرانياً شرح كتب أرسطو وله تصانيف في المنطق وغير ذلك.
ومما نقل عنه أنه قال: السعادة ثلاثة نفسانية وبدنية وخارجية، فالنفسانية هي العلوم الحقيقية ويتبعها الأخلاق المحمودة والفضائل والسيرة الحسنة والبدنية كمال الأعضاء (المتشابهة الأجزاء والأعضاء) الآلية وجودة التأليف والتركيب والخارجية حسن اكتساب الدنيا وتحصيلها (من) وجوهها وإنفاقها في وجوهها على ما يوجبه العقل والدين ولا تجتمع تلك السعادات لأحد إلا في النوادر. يحيى بن منصور المنجم
هو صاحب الرصد في أيام المأمون، وكان متبحراً في علوم الهندسة قال إذا غلبت القوة الغضبية والشهوانية العقل لا يرى المرء الصحة غلا صحة جسده ولا العلم إلا ما استطال به ولا الأمن إلا في قهر الناس ولا الغنى إلا مكسبة المال وكل ذلك مخالف للقصد مقرب من الهلاك.
محمد بن جابر الحراني البتاني
هو محمد بن جابر بن سنان بن ثابت بن قرة الحراني صاحب الرصد المشهور بعد أيام المأمون وكان حكيماً عارفاً بتفاصيل أجزاء علوم الحكمة وقد أنفق أموالاً في الرصد وبتان قرية في حدود حران، وإليها ينسب محمد بن جابر.
ومما نقل عنه كدورة العمر في جار السوء والولد العاق والمرأة السيئة الأخلاق.
وقال: ثلاثة أشياء لا يستقل قليلها: الدين والعداوى والمرض.
الشيخ أبو نصر الفارابي
هو محمد بن محمد بن طرخان من فاراب تركستان، وهو الملقب المعلم الثاني ولم يكن قبله أفضل منه في حكماء الإسلام. وقيل الحكماء أربعة اثنان قبل الإسلام وهما أرسطو (وأبو قراط) واثنان في الإسلام وهما أبو نصر وأبو علي وكان بين وفاة أبي نصر وولادة أبي علي ثلاثون سنة وكان أبو علي تلميذاً لتصانيفه.
اسم الکتاب : تتمة صوان الحكمة المؤلف : البيهقي، ظهير الدين الجزء : 1 صفحة : 3