اسم الکتاب : بغية الملتمس في تاريخ رجال أهل الأندلس المؤلف : ابن عميرة الجزء : 1 صفحة : 205
هذا: فقلت له لابد، فليس عليك في ذلك شيء، وإنما هي عيادة مريض، قال: ولم أزل به حتى أجاب، فقلت: فقم الآن فقال لي: لست والله أفعل ولكن غداء فقلت له: ولا خلف؟ قال: نعم.
قال: فانصرفت إلى أحمد بن كليب، وأخبرته بوعده بعد تأبيه، فسر بذلك، وارتاحت نفسه، قال: فلما كان الغد بكرت إلى أسلم، وقلت له: الوعد قال: فرحم وقال: والله لقد تحملني على خطة صعبة علي، وما أدري كيف أطيق ذلك، قال: فقلت له: لا بد [من] أن تفي بوعدك. قال: فأخذ رداءه ونهض معي راجلاً قال: فلما أتينا منزل أحمد بن كليب، وكان يسكن في آخر درب طويل، وتوسط الدرب، وقف واحمر وخجل وقال لي: الساعة والله أموت وما أستطيع أن أنقل قدمي، ولا أن أعرض هذا على نفسي فقلت: لا تفعل بعد أن بلغت المنزل تنصرف؟! قال: لا سبيل والله إلى ذلك ألبته، قال: ورجع مسرعاً فاتبعته، وأخذت بردائه فتمادى وتمزق الرداء، وبقيت قطعة منه في يدي لسرعته وإمساكي له ومضى، ولم أدركه، فرجعت ودخلت إلى أحمد بن كليب، وقد كان غلامه دخل عليه إذ رآنا من أول الدرب مبشراً، فلما رآني تغير لونه قال: وأين أبو الحسن فأخبرته بالقضية فاستحال من وقته وجعل يتحسر [عليه وأكثر من الترجع] فاستشنعت الحال، وجعلت أترجع وقمت فثاب إليه ذهنه وقال لي: يا أبا عبد الله قلت: نعم فقال: أسمع مني وأحفظ عني ثم أنشأ يقول:
أسلم يا راحة العليل ... رفقاً على الهائم النحيل
وصلك أشهى إلى فؤادي ... من رحمة الخالق الجليل
اسم الکتاب : بغية الملتمس في تاريخ رجال أهل الأندلس المؤلف : ابن عميرة الجزء : 1 صفحة : 205