اسم الکتاب : المعجم الجامع في تراجم المعاصرين المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 352
الشيخ مقبل بن هادي الوادعي
الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور) ، وصلاة وسلاما على نبيه وعلى آله وصحبه دائمين إلى يوم النفخ في الصور.
وبعد: فان الأحاديث النبوية والآثار المحمدية اصل العلوم بعد القرآن، وقاعدة الشريعة وأركان الإيمان،وقد ضل أقوام على مدى الأزمان، لغفلتهم عن هذا الأصل بعد القرآن فتخبطوا في بعض البدع والضلالات،وما شر منها من الإلحاد والشركيات، حتى أتى على الناس زمان ما كان يعرف فيه التعصب لفلان وفلان من أرباب التمذهب وعلماء الكلام، فقل الخير وزاد الشر والضير.
وفي أثناء ذلك كله يبعث الله على راس كل قرن، من يجدد لهذه الأمة الدين وما اندرس من السنن، الا ان اليمن مع هذا كانت لاتزال في غياهب الجهالات، من التصوف والاعتزال المهلكات، من الائمة المحدثين كمعمر وعبد الرزاق اللذين طلبا الحديث من الآفاق، رغم انه كان يتخلل هذه الفترة نهضات علمية على ايدي علماء اجلاء كابن الوزير والصنعاني والشوكاني وغيرهم، الا ان ثمرتها لم تكن كثمرة دعوة عبد الرزاق ومعمر ثم شيخنا رحمه الله.
ثم بعث الله لليمن من يجدد لها الدين ويحيي السنن،ويذود عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم،وينفي عن الدين تحريف الغالين وانتحال المبطلين.
فانبثق نور شع في اليمن كلها، وتعداها إلى ما وراء البحار من بلاد العرب والعجم وغيرها من الديار،فصار الناس بعده إلى السنن والآثار، ونبذوا التصوف الاعتزال، والتشيع وغيرها من الغلال.
ذلك النور هو شيخنا العلامة المحدث مقبل بن هادي الوادعي،رحمة الله عليه.الذي رحل إليه الطلاب العلم من سائر الديار، ينهلون من علم القرآن والسنة والآثار، فاظهر الله على يده خيرا عظيما،اغاظ أهل البدع والأهواء والضلالات، فاجمعوا كيدهم ومكرهم، لإطفاء هذا النور الذي كشف عوارهم واضرهم، (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره) ، وأعادوا الكرة بعد الكرة وفي كل مرة لا تنجح الفكرة.
ثم لجئوا بعد الإفلاس والإملاق، إلى البهت والكذب، تشويها لسيرة الشيخ ودعوته، واستعانوا على ذلك بفئات من أهل الدنيا والتحزبات، فقام الشيخ بالخطب والمحاضرات، تبينا لسبيل الدعوة ونقضا للافتراءات،ثم ألف كتابه هذه دعوتنا وعقيدتنا، فبين فيه سبيل الدعوة المباركة، وتضمن الكتاب ذكر ما ألفه طلبة العلم وعلى رأسهم شيخنا رحمه الله.
وقد وفق شيخنا رحمه الله توفيقا عظيما، ووضع الله فيه بركة جمة،فمع انه نشا يتيما في حجر ام تنهاه عن العلم، وترغه في الدنيا -نسال الله أن يغفر لنا ولها-، ومع ترعرعه في بيئة زيدية طغى عليها الجهل، حتى انه ليحرم فيها القبيلي من امثال الشيخ من اتقان القراءة والكتابة، ويعاب عليه ذلك فضلا عن طلب العلم، ومع طلبه المتأخر للعلم الشرعي -فقد طلب العلم في ارض الحرمين وعمره خمسة وثلاثون عاما تقريبا، ومع هذا قيض اللهعلى يديه خيرا كبيرا بالمقارنة مع بعض الائمة المعاصرين الذين نشئوا في اول امرهم في بيئة علمية -، ومع تكالب الاعداء عليه من كل مكان، ومع حالته الصحية المتردية.
مع كل هذا وذاك فقد اقام الله به اليمن دعوة ملات الارجاء قي غضون عشرين سنة،لاتكاد تسمع لهذه الدعوة نظيرا في اليمن بعد عصر الامامين معمر وعبد الرزاق. ومع انشغاله رحمه الله بالدعوة والتدريس ورث الامة اكثر من خمسين مؤلفا منه (الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين،الذي يساوي وحده الدنيا باسرها،اذ هو تتمة للصحيحين.
دراسته ومشايخه
يقول الشيخ:
درست في الكتب حتى انتهيت من منهج المكتب، ثم ضاع من العمر ما شاء الله في غير طلب علم،لأنه ما كان هناك من يرغب أو يساعد على طلب العلم، وكنت محبا لطلب العلم،وطلبت العلم في جامع الهادي فلم أساعد على طلب العلم،وبعد زمن اغتربت إلى ارض الحرمين ونجد، فكنت اسمع الواعظين ويعجبني وعظهم، فاستنصحت بعض الواعظين ماهي الكتب المفيدة حتى اشتريها؟ فارشد الى ((صحيح البخاري)) ، ((وبلوغ المرام)) ،و ((رياض الصالحين)) ،و ((فتح المجيد شرح كتاب التوحيد)) ،وأعطاني نسيخات من مقررات التوحيد،وكنت حارسا في عمارة الحجون بمكة،فعكفت على تلك الكتب، وكانت تعلق بالذهن لان العمل في بلدنا على خلاف ما فيها، خصوصا ((فتح المجيد)) .
وبعد مدة من الزمن رجعت الى بلدي انكر كل ما رايته مخالف ما في تلك الكتب من الذبح لغير الله،وبناء القباب على الاموات،ونداء الاموات،فبلغ الشيعة ذلك،فانكروا ما انا عليه،فقائل يقول منهم:من بدل دينه اقتلوه، وآخر يرسل الى اقربائي يقول ان لم تمنعوه فسنسجنه،وبعد ذلك قرروا أن يدخلوني (جامع الهادي) من أجل الدراسة عندهم لإزالة الشبهات التي قد علقت بقلبي،ويدندن بعضهم بقول الشاعر:
عرفت هواها قبل أن اعرف الهوى **** فصادف قلبا خاليا فتمكنا
وبعد ذلك دخلت الدراسة عندهم في جامع الهادي ومدير الدراسة القاضي (مطهر حنش) ،فدرست في (العقد الثمين) ،وفي (الثلاثين المسالة وشرحها) لحابس، ومن الذين درسونا فيها (محمد بن حسن المتميز) وكنا في مسألة الرؤية فصار يسخر من ابن خزيمة وغيره من ائمة اهل السنة،وانا اكتم عقيدتي،الا اني ضعفت عن وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة وارسلت يدي، ودرسنا في (متن الأزهار) الى النكاح مفهوما ومنطوقا،وفي شرح الفرائض كتاب ضخم فوق مستوانا فلم استفد منه.
فلما رايت الكتب المدرسة غير مفيدة،حاشا النحو فاني درست عندهم (الآجرومية) و (قطر الندى) ، ثم طلبت من القاضي (قاسم بن يحي شويل) ان يدرسني في (بلوغ المرام) ،وانكر علينا ذلك ثم تركنا،فلما رايت ان الكتب المقررة شيعية معتزلية قررت الإقبال على النحو فدرست (قطر الندى) مرارا على (اسماعيل حطبة) رحمه الله في المسجد الذي اسكن فيه ويصلي فيه وكان يهتم بنا غاية الإهتمام،وفي ذات مرة اتى الى المسجد (محمد بن حورية) فنصحته ان يترك التنجيم فنصحهم ان يطردوني من الدراسة،فشفعوا لي عنده وسكت، وكان يمر بنا بعض الشيعة ونحن ندرس في (القطر) ويقول: (قبيلي صبن غرارة) بمعنى ان التعليم لا يؤثر في وانا اسكت واستفيد في النحو.
حتى قامت الثورة وتركنا البلاد ونزلنا الى نجران ولازمت (ابا الحسين مجد الدين المؤيد) واستفدت منه خصوصا في اللغة العربية ومكثت بنجران قدر سنتين،فلما تاكدت ان الحرب بين الجمهورية والملكية لأجل الدنيا عزمت على الرحلة الى الحرمين ونجد،وسكنت بنجد قدر شهر ونصف في مدرسة تحفيظ القرآن التابعة للشيخ (محمد بن سنان الحدائي) حفظه الله،ولقد كان مكرما لي لما راى من استفادتي وينصحني باستمرار مدة حتى يرسلني الى (الجامعة الإسلامية) ،فتغير علي الجو بالرياض،وعزمت على السفر الى مكة،فكنت اشتغل ان وجدت شغلا،واطلب العلم في الليل احضر دروس الشيخ (يحي بن عثمان الباكستاني) في (تفسير ابن كثير) ،والبخاري،ومسلم.
وأطالع في الكتب والتقيت بشيخين فاضلين:
احدهما:القاضي (يحي الاشول) صاحب معمرة،فكنت ادرس عنده في (سبل السلام) للصنعاني ويدرسني في أي شيء اطلب منه الثاني: الشيخ (عبد الرزاق الشاحذي المحويتي) وكان ايضا يدرسني فيما اطلب منه.
ثم فتح معهد الحرم المكي وتقدمت للاختبار مع مجموعة من طلبة العلم،فنجحت والحمد لله، وكان من ابرز مشايخنا فيه الشيخ (عبد العزيز السبيل) ، ودرست مع بعض طلبة المعهد عند الشيخ (عبد الله بن حميد) رحمه الله في (التحفة السنية) بعد العشاء في الحرم،فكان رحمه الله ياتي بفوائد من (شرح ابن عقيل) وغيره،وكانت فوق مستوى زملائي فتملصوا،فترك رحمه الله الدرس.
ودرست مع مجموعة من الطلاب عند الشيخ (محمد السبيل) حفظه الله شيئا من الفرائض.
وبعد الخروج من المعهد خرجت للإتيان بأهلي من نجران فأتيت بهم وسكنا بمكة مدة الدراسة في المعهد ست سنين والدراسة في الحرم نفسه،وبركة دراسة المساجد معلومة، ولا تسال عن انس وراحة كنا فيها،وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم إذ يقول: (وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم الانزلت عليهم السكينة، وحفتهم الملائكة،وغشيتهم الرحمة،وذكرهم الله فيمن عنده) .
النهار في دراسة المعهد،والدروس كلها تخدم العقيدة والدين، ومن بعد العصر الى بعد العشاء في الحرم نشرب من ماء زمزم الذي قال النبي صلىالله عليه وسلم فيه: (انه طعام طعم وشفاء سقم) ونسمع من الواعظين القادمين من الآفاق لأداء حج أو عمرة
ومن المدرسين في الحرم بين مغرب وعشاء الشيخ (عبد العزيز بن راشد النجدي) صاحب تيسير الوحيين في الاقتصار على القرآن والصحيحين) فازددت يقينا ببطلان كلامه رحمه الله،وكان رجل التوحيد وله معرفة قوية بعلم الحديث ومعرفة صحيحه من سقيمه.
ومن مشايخي في الحرم المكي الذين استفدت منهم الشيخ (محمد بن عبد الله الصومالي) فقد حضرت عنده حوالي سبعة اشهر أو أكثر، وكان رحمه الله آية في معرفة رجال الشيخين،ومنه استفدت كثيرا في علم الحديث،على إني بحمد ربي من ابتدائي في الطلب لا أحب إلا علم الكتاب والسنة.
وبعد الانتهاء من معهد الحرم من المتوسط والثانوية،وكل الدروس دينية،انتقلنا إلى المدينة إلى الجامعة الإسلامية،فحول أكثرنا إلى كلية الدعوة وأصول الدين،وابرز من درسنا فيها الشيخ (السيد محمد الحكيم) والشيخ (محمود عبد الوهاب فائد) المصريان.
وعند إن جاءت العطلة خشيت من ذهاب الوقت وضياعه فانتسبت في كلية الشريعة،لأمرين:احدهما:التزود من العلم.الثاني إن الدروس متقاربة وبعضها متحدة،فهي تعتبر مراجعة لما درسناه في كلية الدعوة وانتهيت بحمد الله من الكليتين،وأعطيت شهادتين وأنا بحمد الله لا أبالي بالشهادات،المعتبر عندي هو العلم.
وفي عام انتهائنا من الكليتين فتحت في الجامعة دراسة عالية ما يسمونه بالماجستير،فتقدمت لأخبار المقابلة ونجحت بحمد الله وهي تخصص في علم الحديث، وبحمد الله حصلت الفائدة التي احبها،وكان من ابرز من درسنا الشيخ (محمد امين المصري) رحمه الله،والشيخ (السيد محمد الحكيم المصري) وفي آخرها الشيخ (حماد بن محمد الانصاري) وكنت احضر بعض الليالي درس الشيخ (عبد العزيز بن باز) في الحرم المدني في صحيح مسلم،واحضر كذلك مع الشيخ (الألباني) في جلساته الخاصة بطلبة العلم للاستفادة.
ومنذ كنت في الحرم المكي وأنا ادرس بعض طلبة العلم في (قطر الندى) وفي (التحفة السنية) ،وعند ان كنت بالمدينة كنت ادرس بعض اخواني بالحرم المدني في (التحفة السنية) ثم وعدت اخواني في الله بدروس في بيتي بعد العصر في (جامع الترمذي) ،و (قطر الندى) ،و (الباعث الحثيث) ، واتشرت دعوة كبيرة من المدينة ملأت الدنيا في مدة ست سنوات،بعض اهل الخير هم الذين يسعون في تمويلها، و (مقبل بن هادي) وبعض اخوانه هم الذين يقومون بتعليم اخوانهم، واما الرحلات للدعوة الى الله في جميع انحاء المملكة فمشتركة بين الإخوان كلهم،طالب العلم للتزود من العلم ولإفادت الآخرين، والعمي للتعلم، حتى استفاد كثير من العامة واحبو الدعوة.
ولما وصلت الى اليمن عدت الى قريتي ومكثت بها اعلم الاولاد القرآن، فما شعرت الى بتكالب الدنيا، فكاني خرجت لخراب البلاد والدين والحكم، وانا آنذاك لا اعرف مسؤلا ولاشيخ قبيلة فاقول: حسبي الله ونعم الوكيل، واذا ضقت اذهب الى صنعاء او الى حاشد،او الى ذمار، وهكذا الى تعز وإب والحديدة، دعوة وزيارة للإخوان في الله.
وبعد هذا مكثت في مكتبتي -بعد مشقة ومساعدة بعض الإخوان في استردادها -وما هي الا ايام وفتحت دروسا مع بعض الإخوة المصريين في بعض كتب الحديث وبعض كتب اللغة، وبعد هذا مازال طلبة العلم يفدون من مصر، ومن الكويت ومن ارض الحرمين ونجد ... وكثير من البلاد الإسلامية وغيرها.
ويقدر طلبة الشيخ بحوالي الف طالب، والعوائل نحو خمسمائة عائلة.
الدروس التي تلقى:
تفسير بن كثير بعد الظهر.
صحيح البخاري بعد العصر.
صحيح مسلم،وبعده مستدرك الحاكم بين مغرب وعشاء.
الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين قبل الظهر.
الصحيح المسند من دلائل النبوة.
الجامع الصحيح في القدر.
وقال الشيخ رحمه الله: ((كنت ادرس في (شرح ابن عقيل) ثم مرضت فتركت. اما اخواني في الله فانهم قائمون بدروس لاخوانهم في جميع المجالات العلمية على مستوى الطلاب في: التوحيد، والعقيدة، والفقه واصوله، والحديث واصوله،والفرائض،والنحو،والخط والاملاء وجميع ما يحتاج اليه الطالب من العلوم الدينة ووسائلها،واذا ضاق المسجد والسكنات،ففي الوادي وتحت الشجار، وتلقى هناك الدروس،علم طيب وهواء طيب.
والفضل في هذا لله وحده.
بعض مؤلفات الشيخ مقبل:
-الطليعة في الرد على غلاة الشيعة.
-تحريم الخضاب بالسواد.
-شرعية الصلاة في النعال.
-الصحيح المسند من أسباب النزول.
-حول القبة المبنية على قبر الرسول صلى الله عليه وسلم.
-الشفاعة.
-رياض الجنة في الرد على أعداء السنة.
-الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين.
-السيوف الباترة لإلحاد الشيوعية الكافرة.
-المخرج من الفتنة.
-الإلحاد الخميني في ارض الحرمين.
-قمع المعاند وزجر الحاقد الحاسد.
-إجابة السائل عن أهم المسائل.
-أحاديث معلة ظاهرها الصحة.
-تحفة الشاب الرباني في الرد على الإمام محمد بن علي الشوكاني.
-غارة الفصل على المعتدين على كتب العلل.
-إيضاح المقال في أسباب الزلزال.
-إعلان النكير على أصحاب عيد الغدير.
-إقامة البرهان على ضلال عبد الرحيم الطحان.
-فضائح ونصائح.
-البركان لنسف جامعة الإيمان.
-إسكات الكلب العاوي يوسف بن عبد الله القرضاوي.
-تحفة المجيب عن أسئلة الحاضر والغريب.
- الزنداني ومجلس الشورى للشيخات في اليمن.
-صعفة الزلزال لنسف أباطيل أهل الرفض والاعتزال.
لشيخنا مقبل -حفظه الله - جهد مشكور،وسعي مبرور في الدفاع عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم،والصبر على تحمل الأذى هنا وهناك في سبيل نشر سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فهل يستوي هؤلاء بأناس وجدوها لقمة سائغة؟ هل يستوي من لطم على وجهه، وسجن وطرد في سبيل نشر سنة النبي صلى الله عليه وسلم بمن وجد الأمر قد تحول فاصبح اهل السنة واهل الحديث لهم الكلمة والاحترام فمشى في ركبهم.
وشيخنا مقبل لم يزدد ماله شيئا من وراء عمله العلمي ولا الدعوة الى الله، وانما يدفع من ماله لطلبة العلم والدعوة الى الله. فهل يستوي مع من اصبح من اصحاب الاموال الطائلة من وراء عمله العلمي،واخراج الكتب.
وشيخنا مقبل رحمه الله آمر بالمعروف، ناه عن المنكر قوال بالحق من غير مداراة لا يبالي بمن خالفه عندما يظهر الحق. فهو فيما يراه حقا لا يداهن، ولا يجامل بل ولا يداري، فسبب ذلك له عداوة بعض الناس،وهو مع هذا ظاهره كباطنه لا يمكر باحد، بل اذا وجد على احد اظهر كل ما في نفسه،وظهر على وجهه.
وطلبته الكثير منهم بل اكثرهم كان سببا في هدايتهم، فكثير منهم كانوا على بدعة التشيع فهداهم الله بسببه،وتوجهوا لطلب العلم النافع، وبعضهم كانوا مستقيمين ولكنهم لم يكونوا متجهين لطلب العلم النافع، ولا يعرفون الطريق اليه،فجعل الله شيخنا مقبلا سببا في هدايتهم لطريق العلم النافع، فقد انتفع به اقوام كثيرون فجزاه الله خير الجزاء.
وهو رجل علم ودعوة من غير اثارة فتن ولا فوضى ولا طلب مناصب ولارياسة ولا شهرة.
وهو رجل علم وعمل، فهو يتعلم ليعمل بعلمه، فما من سنة يتعلمها الا وهو يبادر بالعمل بها.
وهو رجل وقاف عند نصوص الكتاب والسنة لا ييستنكف ان يتراجع عن رايه اذا رده احد بنصمن كتاب الله، او سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو كان على رؤوس الأشهاد.
وهو رجل قنوع يرضى بالقليل من أمور الدنيا، اقل شيء منها يكفيه، المهم عنده أن يعيش بين الصحيحين وسائر السنن، وتفسير ابن كثير،وقيل ذلك كتاب الله، وكتب الرجال، وغيرها من كتب العلم.
وهو رجل يصدر بالحق لا يخاف في الله لومة لائم، ولا يرده عن قول الحق شيء مهما كلفه، ومهما خسر في ذلك.
وعلى أي حال فهو بشر يصيب ويخطئ، ولكن يكفيه ان صوابه اكثر من خطئه، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الناس كابل مائة، لاتكاد تجد منها راحلة) .
ونحن اذ نشرنا ترجمة الشيخ رحمه الله نريد من ذلك التعريف به،ونجو منها ايضا ان تكون حافزا للشباب لكي يجدوا ويجتهدوا في طلب العلم النافع والعمل به.
اكثر من خمسين مؤلفا منه (الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين) ، الذي يساوي وحده الدنيا باسرها، اذهو تتمة للصحيحين.
من مقبل بن هادي الوداعي؟
يقول الشيخ رحمه الله: انا مقبل بن هادي بن مقبل بن قائدة -اسم رجل - الهمداني الوادعي الخلالي،من قبيلة آل راشد. وشيباتنا يقولون: ان وادعة من بكيل.
أنا من وادعة التي هي شرق صعدة من وادي دماج، ووادعة في بلاد شتى من البلاد اليمنية، وأكبرها فيما اعلم الساكنون بلواء صعدة، فهم يسكنون بدماج شرقي صعدة، وبصحوة في اعلى دماج تحت جبل براش، وبالدرب، وآل حجاج، والطلول بين شرقي صعدة وجنوبها. وبشمال صعدة الزور، وآل نائل،وآل رطاس،والرزمات في وادي نشور.وبحاشد غربي الصنعانية ويسمون وادعة حاشد لانهم يسكنون في بلاد حاشد.
ووادعة في نجران في أعلى وادي نجران، ووادعة في ظهران الجنوب.
وقبائل وادعة كغيرهم من القبائل اليمنية التي لم تؤت حقها من التوعية الدينية، وفيهم مجموعة طيبة قدر أربعين شابا ملازمين للدروس سنذكر بعضهم إن شاء الله في جملة الطلاب. وإني أحمد الله، فغالب وادعة الذين هم بجوار صعدة يدافع عني وعن الدعوة، بعضهم بدافع الدين، وبعضهم بدافع التعصب القبلي، ولولا الله ثم هم لما أبقى لنا أعداء الدعوة صوصا شيعة صعدة عينا ولا أثرا. وقد ولد الشيخ العلامة رحمه الله سنة 1944 وقد كانت وفاته مع غروب شمس السبت 30 ربيع الآخر 1422هـ/2001م في مدينة جدة بعد رحلة علاجية دامت أكثر من سنة.
من كتاب ترجمة الشيخ مقبل بن هادي الوادعي -بتصرف-
أبو حاتم الطبني
المصدر: موقع شبكة سحاب السلفية
اسم الکتاب : المعجم الجامع في تراجم المعاصرين المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 352