اسم الکتاب : المتفق والمفترق المؤلف : الخطيب البغدادي الجزء : 1 صفحة : 506
قويت حين ضعف أصحابك وبرزت حين استكانوا ونهضت حين وهنوا ولزمت منهاج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذ هم أصحابه بالتفرق والتشتت كنت خليفة حقا لم تنازع ولم
تصد برغم النافقين وصفر الفاسقين وغيظ الكافرين وكره الحاسدين قمت بالأمر حين فشلوا وتلطفت حين تتعتعوا فتكعكعوا ومضيت بنور الله إذ وقفوا فاتبعوك فهدوا كنت أخفضهم صوتا وأعلاهم قنوتا وأقلهم كلاما وأطولهم صمتا وأصوبهم منطقا وكنت أكثرهم رايا وأشجعهم قلبا وأشدهم نفسا وأحسنهم عملا وأعرفهم بالأمور تدبرا كنت والله للدين يعسوبا أولا حين تفرق الناس عنه وآخرا حين قبلوا كنت للمؤمنين أبا رحيما وصاروا عليك عيالا فحملت أثقال ما عنه ضعفوا وحفظت ما أضاعوا ورعيت ما أهملوا وشمرت إذ خنعوا وعلوت إذ هلعوا وصبرت إذ جزعوا فأدركت أوترا ما طلبوا ونالوا بك ما لم يحتسبوا وكنت على الكافرين عذابا صبا ونبها وللمؤمنين والمسلمين غيثا وحصنا فطرت والله بغنائها وفزت بجبايها وذهبت بفضائلها وأحرزت سوابقها لم تغلل حجبك ولم يزغ قلبك ولم تجبن نفسك كنت كالجبل لا تحركه العواصف ولا تزيله العواصف كنت كما قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمن الناس عليه في صحبتك وذات يدك وكنت كما قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ضعيفا في بدنك قويا في أمر الله عز وجل متواضعا في نفسك عظيما عند الله عز وجل جليلا في الأرض كبيرا عند المؤمنين لم يكن لأحد فيك مهمز ولا لقائل فيك مغمز ولا عندك هواد لأحد الضعيف الذليل عندك قوي عزيز حتى تأخذ له بحقه
اسم الکتاب : المتفق والمفترق المؤلف : الخطيب البغدادي الجزء : 1 صفحة : 506