اسم الکتاب : الكواكب السائرة بأعيان المئة العاشرة المؤلف : الغزي، نجم الدين الجزء : 1 صفحة : 96
فجاء الخبر انه مات بعد خروج الحاج من المدينة بنحو عشرين يوماً قلت: كذلك حكى هذه الحكاية الشعراوي في طبقاته الكبرى، وكررها في الوسطى، ولكن يعكر على ذلك أن وفاة سيدي محمد بن عراق تأخرت عن وفاة سيدي محمد المنير - رضي الله تعالى عنهما - بسنتين، فلعل الخبر الذي جاء إلى مصر، بعد عود سيدي محمد المنير، بموت سيدي محمد بن عراق، كان غير صحيح، فإن وفاة سيدي محمد بن عراق تحقيقاً في رابم عشري صفر سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة بمكة المشرفة، كما تقدم تحريره، وسيأتي تاريخ وفاة سيدي محمد المنير والله سبحانه وتعالى أعلم.
وكان سيدي محمد المنير ماراً في الأزلم في طريق الحج مرة، فرأ رجلاً مهتماً فقال له: ما لك؟ قال: هرب الجمال فأعطاه خمسمائة دينار، ولم يكن بينهما معرفة، فلما وصل إلى مكة جاءه الرجل بمثلها، فأبى أن يقبلها، وقال ما أعطيتها إلا الله تعالى، وكان يتعمم بالصوف الأبيض، ويلبس البشت المخطط بالأحمر، ويقول: أنا رجل أحمدي، وكان يكره الكلام في الطريق من غير سلوك، ولا عمل، ويقول أنه بطالة، وكان ممن صحبه شيخ الإسلام الجد من الأولياء، والعارفين، بمصر، وذكر في فهرست من اجتمع بهم، واصطحب معهم من الصالدين، وكان سبب إقامة الشيخ في سطح الخانكاه، في محل مدفنه اليوم، وكان مقيماً في بلبيس أولاً أن امرأة عطشت في هذا المكان، ومعها ولد فماتت من العطش فقال: أروني ذلك المكان، فلما رآه حفر فيه بئراً، وجلس يسقي الناس عليها، وبنى له قريباً منها خصاً، ونقل زوجته إليه، ثم عمر حوله الفقراء دويرات حتى صارت قرية، وينى له بها زاوية، ورتب فيها لقمة للواردين، بحيث يأكل من سماطه، ويشرب من بئره الامراء، فمن دونهم وقال الشيخ رضي الله تعالى عنه: ما دامت اللقمة في هذه الزاوية، فالبلاء الجائي من الشرق مدفوع من أهل مصر، ورأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، وقال له: يا محمد لا يسعى أحد في إخراج هذه الرزقة عن ناديتك، إلا أهلكه الله تعالى، وقال ابن طولون: في تاريخه في حوادث سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة يوم الجمعة ثاني جمادى: صلي غائبة بالجامع الأموي على الشيخ الصالح محمد المنير، توفي بزاويته قرب الخانكاه، من أرض مصر، وكان في كل عام يصوم رمضان بالجامع الأزهر، ويختم في كل يوم وليلة ختمة، ويحج كل عام ماشياً، ويزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم، ولما كان آخر عام حج فيه نام في مسجد المدينة، فرأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، وقال له: يا شيخ محمد لا بقيت تتعب نفسك، قد قبلناك. انتهى.
والذي حررته من تاريخ العلائي في وفاته أنه توفي يوم الخميس الحادي والعشرين من شهر صفر سنة إحدى وثلاثين وتسعمائة، ودفن بزاويته بسطح الخانقاه رضي الله تعالى عنه.
اسم الکتاب : الكواكب السائرة بأعيان المئة العاشرة المؤلف : الغزي، نجم الدين الجزء : 1 صفحة : 96