اسم الکتاب : الكواكب السائرة بأعيان المئة العاشرة المؤلف : الغزي، نجم الدين الجزء : 1 صفحة : 289
خرجت إلى هذا العالم المشحون بمظاهر تجلياته، الطافح بعجائب قدرته وبدائع آياته، المشوب موارده بالأقذار والأكدار، الموضوع بكمال القدرة والحكمة للابتلاء والاختبار، دار ممر لا بقاء لها إلى دار القرار، فرباني اللطف الرباني في مشهد النعمة والسلامة، وغذاني بلبان مدد التوفيق لسلوك سبيل الاستقامة، في بلوغ درجة التمييز، أهلني الحق لقراءة كتابه العزيز، ومن علي بحفظه على التمام، ولي من العمر ثمانية أعوام، ثم لم أزل في كنف ملاطفات اللطيف، حتى بلغت درجة التكليف، في كلام آخر ذكرته في ترجمتها ودخلت إلى القاهرة في سنة تسع عشرة وتسعمائة، فأصيبت في الطريق بشيء كان معها من مؤلفاتها ومنظوماتها، ولما دخلت إلى القاهرة ندبت لقضاء مآرب لها تتعلق بولدها وكان في صحبتها المقر أبو الثنا محمود بن آجا الحلبي صاحب دواوين الإنشاء بالديار المصرية، فأكرمها وولدها، وأنزلها في حريمه، وكانت قد مدحته بقصيدة أولها:
روى البحر أصباب العطا عن نداكم ... ونشر الصبا عن مستطاب ثناكم
فعرضها على شيخ الأدباء السيد الشريف عبد الرحيم العباسي القاهري، فأعجب بها، فبعث إليها بقصيدة من بديع نظمه، فأجابت عنها بقصيدة مطلعها:
وافت تترجم عن حبر هو البحر ... بديعة زانها مع حسنها الخفر
ثم كتب إليها السيد المشار إليه ملغزاً:
قل لمن بالقريض بز الفحولا ... فانثني عن قصورهم مستطيلا
وأرانا عرائس الثغر تجلي ... بمعان أضحى علاها جليلا
رافيات من زاهيات المعاني ... في مروط تجر فيها الذيولا
مسفرات عن حسن معنى بديع ... من سناه تبغي البذور الأفولا
وتود الرياض أن لو اعيرت ... من أفانين وشيها أكليلا
كل طرف إذا ترجع منها ... عاد من حسنه حسيراً كليلا
اسم الکتاب : الكواكب السائرة بأعيان المئة العاشرة المؤلف : الغزي، نجم الدين الجزء : 1 صفحة : 289