responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الطبقات الكبرى - ط العلمية المؤلف : ابن سعد    الجزء : 1  صفحة : 326
يَخْزُنُ لِسَانَهُ إِلا مِمَّا يُعِينُهُمْ وَيُؤَلِّفَهُمْ وَلا يُفَرِّقُهُمْ. أَوْ قَالَ يُنَفِّرُهُمْ. وَيُكْرِمُ كَرِيمَ كُلِّ قَوْمٍ وَيُولِيهِ عَلَيْهِمْ. وَيَحْذَرُ النَّاسَ وَيَحْتَرِسُ مِنْهُمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَطْوِيَ عَنْ أَحَدٍ بَشَرَهُ وَلا خُلُقَهُ. وَيَتَفَقَّدُ أَصْحَابَهُ وَيَسْأَلُ النَّاسَ عَمَّا فِي النَّاسِ. وَيُحَسِّنُ الْحَسَنَ وَيُقَوِّيهِ. وَيُقَبِّحُ الْقَبِيحَ وَيُوهِنُهُ. مُعْتَدِلُ الأَمْرِ غَيْرَ مُخْتَلِفٍ. لا يَغْفُلُ مَخَافَةَ أَنْ يَغْفُلُوا. لِكُلِّ حَالٍ عِنْدَهُ عَتَادٌ. لا يقصر عن الحق ولا يجوزه الدين. يَلُونَهُ مِنَ النَّاسِ خِيَارُهُمْ. أَفْضَلُهُمْ عِنْدَهُ أَعَمُّهُمْ نَصِيحَةً. وَأَعْظَمُهُمْ عِنْدَهُ مَنْزِلَةً أَحْسَنُهُمْ مُؤَاسَاةً وَمُؤَازَرَةً] .
[قَالَ: فَسَأَلْتُهُ عَنْ مَجْلِسِهِ. فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يَجْلِسُ وَلا يَقُومُ إِلا عَلَى ذِكْرٍ. لا يُوطِنُ الأَمَاكِنِ وَيَنْهَى عَنْ إِيطَانِهَا. وَإِذَا انْتَهَى إِلَى قَوْمٍ جَلَسَ حَيْثُ انْتَهَى بِهِ الْمَجْلِسُ وَيَأْمُرُ بِذَلِكَ. يُعْطِي كُلَّ جُلَسَائِهِ بِنَصِيبِهِ. لا يَحْسَبُ جَلِيسُهُ أَنَّ أَحَدًا أَكْرَمَ عَلَيْهِ مِنْهُ. مَنْ جَالَسَهُ أَوْ قَاوَمَهُ فِي حَاجَةٍ صَابَرَهُ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الْمُنْصَرَفُ. وَمَنْ سَأَلَهُ حَاجَةً لَمْ يَرُدَّهُ إِلا بِهَا أَوْ بِمَيْسُورٍ مِنَ الْقَوْلِ. قَدْ وَسِعَ النَّاسَ مِنْهُ بَسْطُهُ وَخُلُقُهُ.
فَصَارَ لَهُمْ أَبًا وَصَارُوا فِي الْحَقِّ عِنْدَهُ سَوَاءً. مَجْلِسُهُ مَجْلِسُ حِلْمٍ وَحَيَاءٍ وَصَبْرٍ وَأَمَانَةٍ لا تُرْفَعُ فِيهِ الأَصْوَاتُ وَلا تُؤَبَّنُ فِيهِ الْحُرَمُ وَلا تُنْثَى فَلَتَاتُهُ مُتَعَادِلِينَ يَتَفَاضَلُونَ فِيهِ بِالتَّقْوَى.
مُتَوَاضِعِينَ يُوَقِّرُونَ فِيهِ الْكَبِيرَ وَيَرْحَمُونَ فِيهِ الصَّغِيرَ. وَيُؤْثِرُونَ ذَا الْحَاجَةِ. وَيَحْفَظُونَ أَوْ يَحُوطُونَ الْغَرِيبَ] .
[قَالَ قُلْتُ: كَيْفَ كَانَتْ سِيرَتُهُ فِي جُلَسَائِهِ؟ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَائِمَ الْبِشْرِ. سَهْلَ الْخُلُقِ. لَيِّنَ الْجَانِبِ. لَيْسَ بِفَظٍّ وَلا غَلِيظٍ وَلا صَخَّابٍ وَلا فَحَّاشٍ وَلا عَيَّابٍ. يَتَغَافَلُ عَمَّا لا يَشْتَهِي. وَلا يَدْنَسُ مِنْهُ وَلا يُجْنِبُ فِيهِ. قَدْ تَرَكَ نَفْسَهُ مِنْ ثَلاثٍ:
الْمِرَاءِ. وَالإِكْثَارِ. وَمِمَّا لا يَعْنِيهِ. وَتَرَكَ النَّاسَ مِنْ ثَلاثٍ. كَانَ لا يَذِمُّ أَحَدًا وَلا يُعَيِّرُهُ.
وَلا يَطْلُبُ عَوْرَتَهُ. وَلا يَتَكَلَّمُ إِلا فِيمَا رَجَا ثَوَابَهُ. إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطَّيْرُ. فَإِذَا سَكَتَ تَكَلَّمُوا وَلا يَتَنَازَعُونَ عِنْدَهُ. مَنْ تَكَلَّمَ أَنْصَتُوا لَهُ حَتَّى يَفْرُغَ حَدِيثُهُمْ عِنْدَهُ. حَدِيثُ أَوَّلِيَّتِهِمْ يَضْحَكُ مِمَّا يَضْحَكُونَ مِنْهُ. وَيَتَعَجَّبُ مِمَّا يَتَعَجَّبُونَ مِنْهُ. وَيَصْبِرُ لِلْغَرِيبِ عَلَى الْجَفْوَةِ فِي مَنْطِقِهِ وَمَسْأَلَتِهِ حَتَّى إِذَا كَانَ أَصْحَابُهُ لَيَسْتَجْلِبُونَهُمْ. وَيَقُولُ: إِذَا رَأَيْتُمْ طَالِبَ الْحَاجَةِ يَطْلُبُهَا فَأَرْدِفُوهُ. وَلا يَقْبَلُ الثَّنَاءَ إِلا مِنْ مُكَافِئٍ. وَلا يَقْطَعُ عَنْ أَحَدٍ حَدِيثَهُ حَتَّى يَجُوزَ فَيَقْطَعُهُ بِنَهْي أَوْ قِيَامٍ] .
[قَالَ: فَسَأَلْتُهُ كَيْفَ كَانَ سُكُوتُهُ. قَالَ: كَانَ سُكُوتُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَرْبَعٍ: عَلَى الْحِلْمِ. وَالْحَذَرِ. وَالتَّقْرِيرِ. وَالتَّفَكُّرِ. فَأَمَّا تَقْرِيرُهُ فَفِي تَسْوِيَةِ النَّظَرِ

اسم الکتاب : الطبقات الكبرى - ط العلمية المؤلف : ابن سعد    الجزء : 1  صفحة : 326
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست