responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الطبقات الكبرى - ط العلمية المؤلف : ابن سعد    الجزء : 1  صفحة : 31
قَضِيبٍ مِنْ حَدِيدٍ نَابِتٍ عَلَى الْجَبَلِ. فَقَالَ: هَذَا مِنْ هَذَا. فَجَعَلَ يُكَسِّرُ أَشْجَارًا عَتَقَتْ وَيَبَسَتْ بِالْمِطْرَقَةِ. ثُمَّ أَوَقَدْ عَلَى ذَلِكَ الْغُصْنِ حَتَّى ذَابَ. فَكَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ ضُرِبَ مِنْهُ مُدْيَةٌ. فَكَانَ يَعْمَلُ بِهَا. ثُمَّ ضُرِبَ التَّنُّورُ وَهُوَ الَّذِي وَرِثَهُ نُوحٌ. وَهُوَ الَّذِي فَارَ بِالْهِنْدِ بِالْعَذَابِ. فَلَمَّا حَجَّ آدَمُ. وَضَعَ الْحَجَرَ الأَسْوَدَ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ فَكَانَ يُضِيءُ لأَهْلِ مَكَّةَ فِي لَيَالِي الظُّلْمِ كَمَا يُضِيءُ الْقَمَرُ. فَلَمَّا كَانَ قُبَيْلَ الإِسْلامِ بِأَرْبَعِ سِنِينَ. وَقَدْ كَانَ الْحُيَّضُ وَالْجُنُبُ يَصْعَدُونَ إِلَيْهِ يَمْسَحُونَهُ فَاسْوَدَّ فَأَنْزَلَتْهُ قُرَيْشٌ مِنْ أَبِي قُبَيْسٍ. وَحَجَّ آدَمُ مِنَ الْهِنْدِ إِلَى مَكَّةَ أَرْبَعِينَ حَجَّةً عَلَى رِجْلَيْهِ. وَكَانَ آدَمُ حِينَ أُهْبِطَ يَمْسَحُ رَأْسَهُ السَّمَاءَ. فَمِنْ ثَمَّ صَلُعَ وَأَوْرَثَ وَلَدَهُ الصَّلَعَ. وَنَفَرَتْ مِنْ طُولِهِ دَوَابُّ الْبَرِّ فَصَارَتْ وَحْشًا مِنْ يَوْمَئِذٍ. فَكَانَ آدَمُ وَهُوَ عَلَى ذَلِكَ الْجَبَلِ قَائِمًا يَسْمَعُ أَصْوَاتَ الْمَلائِكَةِ وَيَجِدُ رِيحَ الْجَنَّةِ. فَحُطَّ مِنْ طُولِهِ ذَلِكَ إِلَى سِتِّينَ ذِرَاعًا. فَكَانَ ذَلِكَ طُولُهُ حَتَّى مَاتَ. وَلَمْ يُجْمَعْ حُسْنُ آدَمَ لأَحَدٍ مِنْ وَلَدِهِ إِلا لِيُوسُفَ. وَأَنْشَأَ آدَمُ يَقُولُ: رَبِّ كُنْتُ جَارَكَ فِي دَارِكَ لَيْسَ لِي رَبٌّ غَيْرَكَ. وَلا رَقِيبٌ دُونَكَ. آكُلُ فِيهَا رَغَدًا. وَأَسْكُنُ حَيْثُ أَحْبَبْتُ. فَأَهْبَطْتَنِي إِلَى هَذَا الْجَبَلِ الْمُقَدَّسِ. فَكُنْتُ أَسْمَعُ أَصْوَاتَ الْمَلائِكَةِ وَأَرَاهُمْ كَيْفَ يَحُفُّونُ بِعَرْشِكَ وَأَجِدُ رِيحَ الْجَنَّةِ وَطِيبِهَا. ثُمَّ أَهْبَطْتَنِي إِلَى الأَرْضِ وَحَطَطْتَنِي إِلَى سِتِّينَ ذِرَاعًا. فَقَدِ انْقَطَعَ عَنِّي الصَّوْتُ وَالنَّظَرُ. وَذَهَبَ عَنِّي رِيحُ الْجَنَّةِ.
فَأَجَابَهُ اللَّهُ. تَبَارَكَ وَتَعَالَى: لِمَعْصِيَتِكَ يَا آدَمُ فَعَلْتُ ذَلِكَ بِكَ. فَلَمَّا رَأَى اللَّهُ عُرْيَ آدَمَ وَحَوَّاءَ أَمَرَهُ أَنْ يَذْبَحَ كَبْشًا مِنَ الضَّأْنِ مِنَ الثَّمَانِيَةِ الأَزْوَاجِ الَّتِي أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْجَنَّةِ. فَأَخَذَ آدَمُ كَبْشًا فَذَبَحَهُ. ثُمَّ أَخَذَ صُوفَهُ فَغَزَلَتْهُ حَوَّاءُ وَنَسَجَهُ هُوَ وَحَوَّاءُ. فَنَسَجَ آدَمُ جُبَّةً لِنَفْسِهِ وَجَعَلَ لِحَوَّاءَ دِرْعًا وَخِمَارًا فَلَبِسَاهُ. وَقَدْ كَانَا اجْتَمَعَا بِجَمْعٍ فَسُمِّيَتْ جَمْعًا. وَتَعَارَفَا بِعَرَفَةَ فَسُمِّيَتْ عَرَفَةَ. وَبَكَيَا عَلَى مَا فَاتَهُمَا مِائَتَيْ سَنَةٍ. وَلَمْ يَأْكُلا وَلَمْ يَشْرَبَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا. ثُمَّ أَكَلا وَشَرِبَا وَهُمَا يَوْمَئِذٍ عَلَى نَوْذَ. الْجَبَلِ الَّذِي أُهْبِطَ عَلَيْهِ آدَمُ.
وَلَمْ يَقْرَبْ حَوَّاءَ مِائَةَ سَنَةٍ. ثُمَّ قَرَبَهَا فَتَلَقَّتْ فَحَمَلَتْ. فَوَلَدَتْ أَوَّلَ بَطْنٍ قَابِيلَ وَأُخْتَهُ لَبُودَ تَوْأَمَتَهُ. ثُمَّ حَمَلَتْ فَوَلَدَتْ هَابِيلَ وَأُخْتَهُ إِقْلِيمَا تَوْأَمَتَهُ. فَلَمَّا بَلَغُوا أَمَرَ اللَّهُ آدَمَ أَنْ يُزَوِّجَ الْبَطْنَ الأَوَّلَ الْبَطْنَ الثَّانِيَ. وَالْبَطْنَ الثَّانِيَ الْبَطْنَ الأَوَّلَ. يُخَالِفُ بَيْنَ الْبَطْنَيْنِ فِي النِّكَاحِ. وَكَانَتْ أُخْتُ قَابِيلَ حَسَنَةً وَأُخْتُ هَابِيلَ قَبِيحَةً. فَقَالُ آدَمُ لِحَوَّاءَ الَّذِي أُمِرَ بِهِ.
فَذَكَرَتْهُ لابْنَيْهَا. فَرَضِيَ هَابِيلُ وَسَخِطَ قَابِيلُ وَقَالَ: لا وَاللَّهِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهَذَا قَطُّ. وَلَكِنْ هَذَا عَنْ أَمْرِكَ يَا آدَمُ. فَقَالَ آدَمُ: فَقَرِّبَا قُرْبَانًا فَأَيُّكُمَا كَانَ أَحَقَّ بِهَا أَنْزَلَ اللَّهُ نَارًا مِنَ

اسم الکتاب : الطبقات الكبرى - ط العلمية المؤلف : ابن سعد    الجزء : 1  صفحة : 31
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست