اسم الکتاب : الشيخ محمد بن عبد الوهاب في مرآة علماء الشرق والغرب المؤلف : الإستانبولي، محمود مهدي الجزء : 1 صفحة : 112
التي بدت عند بعض أتباعها والمتأثرين بها كأنها مقصد من أهم مقاصدها، والواقع أن الصوفية لم تكن مستهدفة لذاتها، ولكن الذي استهدفته الدعوة هو انحرافات التصوف لا التصوف نفسه، الذي يقوم في لبه وأصله الأول على الزهد وعلى مغالبة الشهوات. فمهاجمة التصوف مسألة فرعية جاءت ضمن محاربة ابتداعات المبتدعة فيما يعارض التوحيد، ولم تهاجم إلا في هذه الحدود.
والواقع أن الصوفية يجب أن يفرق فيها بين منهجين:
أحدهما: منهج في السلوك يأخذ بيد المنحرفين البعيدين عن الصراط المستقيم يتدرج بهم حتى يضعهم على المحجة البيضاء، ويتدرج بالمستقيمين على طريق الدين في رياضات روحية تسمو بهم حتى تخلصهم من سلطان الشهوات على اختلافها، شهوة البطن وشهوة الفرج وشهوة الجاه والسلطان وحب المال وهذا المنهج مفيد لا بأس في أكثره.
والمنهج الآخر: منهج في الفكر والمعرفة، يخوض في عالم الغيب ويقول فيه بغير دليل، ويغامر في اقتحام مجاهيل محجوبة عن علم الناس يضر الخوض فيها ولا يفيد، وأكثره مفسد للعقيدة يشوبه خلطٌ كثير، يزعزع الإيمان[1]. [1] يؤسفني أن يقول الأخ الدكتور محمد محمد حسين هذا الكلام في الثناء على التصوف متأثراً بتربيته الأولى، وهو صاحب الفكر السديد، وليس هنا مجال الردّ عليه وبيان أخطار هذا التصوف وضلالاته ومفاسده المدمرة، حتى هذا النوع المزعوم الذي أشار إليه في إصلاح النفوس.. كأن الإسلام هذا الدين العظيم خلا مما يصلح هذه النفوس.. حتى نلجأ إلى التصوف، وهو من أصل نصراني وثني، وقد كان من أعظم أسباب هدم المجد الإسلاميّ وانحطاط المسلمين والتعاون مع المستعمرين لاحتلال كثير من أقطار العالم الإسلاميّ، يراجع للتحقق من ذلك كتاب "التصوف بين الحق والخلق" الذي قمت بتعديله، وقال الدكتور زكي مبارك في كتابه التصوف الإسلامي والأخلاق "2/208" أن مشيخة الأزهر فكرت في مقاومة التصوف مقاومة رسمية وكتب شيخ جامع الأزهر محمد مصطفى المراغي كتاباً في ذلك إلى وزير الأوقاف..
وأود أن أسائل هذا الدكتور، وقد ذكر بعض آثار التصوف لمدمرة: كيف السبيل إلى الفصل بين ما زعمه صالحاً من هذا التصوف وبين الفاسد منه.
اسم الکتاب : الشيخ محمد بن عبد الوهاب في مرآة علماء الشرق والغرب المؤلف : الإستانبولي، محمود مهدي الجزء : 1 صفحة : 112