اسم الکتاب : الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب ومنهجه في مباحث العقيدة المؤلف : آمنة محمد نصير الجزء : 1 صفحة : 90
أما كيف حقق الشيخ منهجه في الربط بين العلم والعمل فذلك ما سوف نعرض له في المبحثين التاليين بدءا بالعلم وختما بالعمل.
أولا: منهج الشيخ في تحصيل العلم.
علمنا مما استبان لنا من نشأة الشيخ في نجد أنه شب في بيئة حظها من العلم والثقافة جد قليل ولكن حظها من دواعي التأمل ومجالات التفكير أكبر بكثير والعلم القليل إذا صاحبه التأمل والتفكير وسلمت لصاحبه فطرة الموازنة وسلامة التقدير كان أعون على تحصيل فهم الحقائق من علم كثير يتلقاه صاحبه بالتلقين والتسليم وقد كان الشيخ حريصا منذ حداثته على أن يستخدم حواسه في تحصيل المعرفة وفق المنهج القرآني القائم على الملاحظة والتجربة والاستقراء. هذا المنهج الذي تدل عليه بل وتحيط به الآية الكريمة {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} . [1] أي أن تحصيل العلم بالمعقولات يبدأ باستعمال الحواس في ملاحظة الأشياء وتجربتها ورصد النتائج وعقلانيتها. وقد بدأ الشيخ رحلته في تحصيل العلم بحقائق الأشياء من هذه النقطة، فبعد أن تلقى عن أبيه وشيوخ قريته القرآن وشيئا من الحديث راح يتأمل فيما حوله ومن حوله فراعه سوء حال المجتمع والبون الشاسع بين مدلول النصوص التي تلقاها وواقع الناس الذي يعايشه، واستخرجه تأمله في أحوال البيئة التي درج فيها إلى حيث راح يضرب في الأرض مستصحبا منهجه في التأمل في واقع الحياة والناس وعرض ما يراه على ميزان الشرع بالقدر الذي تلقاه ورعاه فازدادت وحشة نفسه ما يرى ويسمع، كان مما تلقاه ورعاه ألا تتخذ قبور الأنبياء مساجد وألا يدعى أحد من دون الله حيا كان أو ميتا صالحا كان أو فاجرا فإذا به وهو في المسجد النبوي بالمدينة المنورة يشهد ما يشتد وجدهم ودعائهم لغير الله ويتمسحون بأحجار قبر الرسول صلى الله عليه وسلم، وفزع إلى عمله الذي تعلمه من كتاب الله ثم كأنه أنهم نفسه بعدم العلم الكامل الذي يدرك على ضوئه حقيقة ما يجري فهرع إلى شيخ من [1] سورة النحل: آية: 78
اسم الکتاب : الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب ومنهجه في مباحث العقيدة المؤلف : آمنة محمد نصير الجزء : 1 صفحة : 90