اسم الکتاب : الرياض النضرة في مناقب العشرة المؤلف : الطبري، محب الدين الجزء : 1 صفحة : 154
فقال أبو بكر: العدد فيكم؟ فقال مفروق: إنا نزيد على ألف ولن يغلب ألف من قلة, فقال أبو بكر: وكيف المنعة فيكم؟ فقال مفروق: علينا الجهد ولكل قوم حد فقال أبو بكر: فكيف الحرب بينكم وبين عدوكم؟ قال مفروق: إنا لأشد ما نكون غضبًا حين نلقى وأشد ما نكون لقاء حين نغضب, وإنا لنؤثر الجياد على الأولاد والسلاح على اللقاح, والنصر من عند الله تعالى يديلنا مرة ويديل علينا أخرى, لعلك أخو قريش؟ قال أبو بكر: قد بلغكم أنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ألا هو ذا؟ فقال مفروق: بلغنا أنه يذكر ذلك فإلامَ تدعو يا أخا قريش؟ فتقدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجلس وقام أبو بكر يظله بثوبه فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله, وإلى أن تؤووني وتنصروني, فإن قريشًا قد ظاهرت على أمر الله وكذبت رسله, واستغنت بالباطل عن الحق, والله هو الغني الحميد" فقال مفروق بن عمرو: وإلام تدعونا يا أخا قريش, فوالله ما سمعت كلامًا أحسن من هذا؟ فتلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} [1] إلى: {فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ [2] بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [3] فقال مفروق: وإلام تدعونا يا أخا قريش؟ قال: فتلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} [4] إلى: {تَذَكَّرُونَ} فقال مفروق: دعوت والله يا أخا قريش إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال, ولقد أفك قوم كذبوك وظاهروا عليك, وكأنه أحب أن يشركه في الكلام هانئ بن قبيصة فقال: وهذا هانئ بن قبيصة شيخنا وصاحب ديننا فقال هانئ: قد سمعت مقالتك يا أخا قريش, وإني أرى إن تركنا ديننا واتبعناك على دينك بمجلس جلسناه إليك ليس له أول ولا آخر, زللًا في [1] سورة الأنعام الآية: 151. [2] وقد تضمنت هذه الآيات من سورة الأنعام الوصايا العشر في الإسلام. [3] سورة الأنعام الآية: 153. [4] وهذه الآية من سورة النحل أجمع آية لمكارم الأخلاق؛ ولهذا يذكر بها خطباء الجمعة الناس عقب الخطبة الثانية.
اسم الکتاب : الرياض النضرة في مناقب العشرة المؤلف : الطبري، محب الدين الجزء : 1 صفحة : 154