اسم الکتاب : الرياض النضرة في مناقب العشرة المؤلف : الطبري، محب الدين الجزء : 1 صفحة : 145
وعن جعفر بن محمد عن أبيه عمن حدثه قال: قبض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر غائب بالسنح عند زوجته بنت خارجة, فسل عمر بن الخطاب سيفه وتوعد من يقول: مات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكان يقول: إنما أرسل إليه كما أرسل إلى موسى -عليه السلام- فلبث عن قومه أربعين ليلة, والله إني لأرجو أن يقطع أيدي رجال وأرجلهم, فأقبل أبو بكر من السنح حين بلغه الخبر إلى بيت عائشة فأذنت له فدخل, فكشف عن وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجثا يقبله ويبكي ويقول: توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والذي نفسي بيده, صلوات الله عليك يا رسول الله, ما أطيبك حيا وميتا, ثم خرج سريعا إلى المسجد حتى جاء المنبر, فقام عليه ونادى الناس: اجلسوا, فجلسوا وأنصتوا, فتشهد شهادة الحق ثم قال: إن الله تعالى نعى نبيكم وهو حي بين أظهركم, ونعى لكم أنفسكم وهو الموت حتى لا يبقى أحد إلا الله, يقول الله -عز وجل: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} إلى: {الشَّاكِرِينَ} [1] وقال: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [2]، وقال: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [3] وقال تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [4] وقال: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ، وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ والْإِكْرَامِ} [5] ثم قال: إن الله -عز وجل- عمر محمدًا وأبقاه حتى أقام دين الله, وأظهر أمر الله, وبلغ رسالة الله, وجاهد أعداء الله حتى توفاه الله وهو على ذلك, وترككم على الطريقة, فلا يهلك هالك إلا من بعد البينة والشفاء والنور, فمن كان الله ربه فإن الله حي لا يموت فليعبده, ومن كان ربه محمدًا ويراه إلهًا فقد هلك إلهه, فأقبلوا أيها الناس واعتصموا بدينكم, وتوكلوا على ربكم, فإن دين الله قائم وكلمته باقية, وإن الله ناصر دينه ومعز أهله, وإن [1] سورة آل عمران الآية: 144. [2] سورة الزمر الآية: 30. [3] سورة آل عمران الآية: 185. [4] سورة القصص الآية: 88. [5] سورة الرحمن الآية: 27.
اسم الکتاب : الرياض النضرة في مناقب العشرة المؤلف : الطبري، محب الدين الجزء : 1 صفحة : 145