اسم الکتاب : الرياض النضرة في مناقب العشرة المؤلف : الطبري، محب الدين الجزء : 1 صفحة : 142
نزل فدخل المسجد, فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة فبصر برسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو مسجى ببرده, فكشف عن وجهه -صلى الله عليه وسلم- وأكب عليه فقبله, ثم بكى فقال: بأبي أنت وأمي, لا يجمع الله عليك موتتين, أما الموتة التي كتبت عليك فقدمتها.
قال أبو سلمة: وأخبرني ابن عباس أن أبا بكر خرج وعمر يكلم الناس فقال: اجلس فأبى, فقال: اجلس فأبى, فتشهد أبو بكر فمال الناس إليه وتركوا عمر فقال: أما بعد, فمن كان منكم يعبد محمدًا فإن محمدًا -صلى الله عليه وسلم- قد مات, ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت, قال الله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} [1] إلى[2] {الشَّاكِرِينَ} . قالت: فوالله لكأن الناس لم يكونوا يعلمون أن الله أنزل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر, فتلقاها منه الناس فما نسمع بشرًا إلا يتلوها, أخرجه الشيخان.
وعنها أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مات وأبو بكر بالسنح تعني: العالية, فقام عمر يقول: والله ما مات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجاء أبو بكر فكشف عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقبله وقال: بأبي أنت وأمي طبت حيا وميتا, والذين نفسي بيده لا يذيقك الموتتين أبدًا, ثم خرج فقال: أيها الحالف على[3] رسلك, فلما تكلم أبو بكر جلس عمر, فحمد[4] الله وأثنى عليه وقال: ألا من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات, ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت, وقال: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} وقال: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} قال: فنشج الناس يبكون, خرجه البخاري. [1] أي: إلى آخر الآية الشريفة، وستذكر بتمامها. [2] سورة آل عمران الآية: 144. [3] على مهلك. [4] فحمد أبو بكر الله تعالى.
اسم الکتاب : الرياض النضرة في مناقب العشرة المؤلف : الطبري، محب الدين الجزء : 1 صفحة : 142