اسم الکتاب : التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة المؤلف : السخاوي، شمس الدين الجزء : 1 صفحة : 333
الحوائج بطيب نفس وانشراح وكان إذا غضب أو انزعج يرجع عن قريب لا يؤيس من خيره ولو أيس بقوله وطالت مدته ثم عزل بمختار الديري الآتي ثم أعيد وهو بالقاهرة وناب عنه في غيبته شمس الدين الجمداري وصار عز الدين في ولايته علىطريقته الأولى من فعل الخيرات وعتق المماليك ووقف النخيل على الفقراء فلما ضعف بدنه وقوته لكبر سنه ولزم العزلة والإقبال على الخير سعى عليه لذلك فولى افتخار الدين ياقوت الخازندار عوضه في سنة ثمان وخمسين وسبعمائة ولزم التأدب مع صاحب الترجمة بحيث كان يأتيه إلى مجلسه ويعوقه بالشهر ويتقرب إليه حتى أحبه وصار يقول أنا خادم محتشم رئيس ولقد صدق فيما قال فلم يلبث أن مات في أيامه سنة إحدى وستين وسبعمائة ولخص بعضهم هذه الترجمة وقال إنه بعد استقراره حسنت سيرته إلى الغاية ولازم التلاوة والعبادة وعمل آثارا حسنة بالمسجد الشريف مع شدة على الرافضة وقيام في الأمور الشرعية ومع ذلك انعزل بصفي الدين جوهر ولكن لم يتم له أمرا وعزل قبل خروجه من القاهرة واستمر دينار على عادته ثم عزل بالشريف مختص الخازندار فباشر بأخلاق غير مرضية وترفع على الناس فعزل وأعيد دينار وبقي مختص نائبه في المشيخة لكبر سن دينار وإقباله على العبادة وإلى أن مات بعد عزله قبيل موته سنة ثمان وخمسين بافتخار الدين ياقوت وذكره المجد فقال وكان كلقبه ذا عز ودين وحشمة وتمكين ورئاسة وترقين وطريق رضى وحسن يقين ولي المشيخة في الحرم الشريف النبوي وعلى ساكنه أفضل الصلاة والسلام في عام سبع وعشرين وسبعمائة بعد الشيخ وفاة ناصر الدين نصر عطا الله وكان قد صحب أكابر الأشياخ وسادات المجاورين والعلماء المتقين وكان بهديهم يهتدي وبطريقتهم يقتدي وإلى خدمتهم ينتمي وعن المكاره بهمتهم يحتمي وقف نفسه على أفضل العبادات فنال به أكمل السعادات وأجمل المرادات وذلك أنه لم يبرح في قراءة القرآن وقرى الأقران ومد الخوان وسد خلة الإخوان بالإنعام والإحسان والمواظبة على القيام والمداومة على الصيام في أكثر الأيام بذل في الله الأنفاس والنفائس وساس المنصب بعلو همته وكان أحسن سائس شرح الله بولايته الصدور وأطلع به من أفق الكرم أتم بدور ووقف أملاكا كثيرة ما بين نخيل ودور واعتق من الإماء والعبيد زهاء الثلاثين بل تزيد وكفل جماعات من الأرامل والأيتام وعمهم بالأنعام ورتب لهم الشراب والطعام والمسكن والملبس والمقام وأنالهم في جميع أحوالهم أحسن إنالة وبرهم ونعمهم بمثل ما بر به أهله وعياله أما شدته على الأشراف فقد سبق فيه من تقدمه خفضا وأما القيادة إلى الشرع الشريف فكان إلى الأمد الأقصى ومسابقته إلى الخيرات كانت سدا ومبادرته إلى المآثر كانت جدا ومساعدته لذوي الضرائر لا يعرف له أحدا حدا ومع ملاطفته مع أولاده المجاورين تحكي ملاطفة الأب الروؤف والأم العطوف إذا رأى أحدا سأل عن حاله ثم عن حال عياله ثم عن كل من في البيت من نسائه
اسم الکتاب : التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة المؤلف : السخاوي، شمس الدين الجزء : 1 صفحة : 333