responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أسد الغابة ط الفكر المؤلف : ابن الأثير، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 284
ابن نَصْرٍ، حَدَّثَنِي أَبُو الأَزْهَرِ أَحْمَدُ بْنُ الأَزْهَرِ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ، أَخْبَرَنَا مَعَانُ [1] بْنُ رِفَاعَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْقَاسِم أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ: «جَاءَ ثَعْلَبَةُ بْنُ حَاطِبٍ الأَنْصَارِيُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَنِي مَالا، فَقَالَ: وَيْحَكَ يَا ثَعْلَبَةُ. قَلِيلٌ تُؤَدِّي شُكْرَهُ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرِ لا تُطِيقُهُ. ثُمَّ أَتَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ فقال: يا رسول الله، ادع الله أن يَرْزُقَنِي مَالا، قَالَ: أَمَا لَكَ فِي أُسْوَةٍ حَسَنَةٍ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَرَدْتُ أَنْ تَسِيرَ الْجِبَالُ مَعِي ذَهَبًا وَفِضَّةً لَسَارَتْ، ثُمَّ أَتَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَنِي مَالا، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَئِنْ رَزَقَنِي اللَّهُ مَالا لأَعْطِيَنَّ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللَّهمّ ارْزُقْ ثَعْلَبَةَ مَالا، اللَّهمّ ارزق ثعلبة مالا، قال: فَاتَّخَذَ غَنَمًا فَنَمَتْ كَمَا يَنْمَى الدُّودُ، فَكَانَ يصلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، وَيُصَلِّي فِي غَنَمِهِ سَائِرَ الصَّلَوَاتِ، ثُمَّ كَثَرَتْ وَنَمَتْ، فَتَقَاعَدَ أَيْضًا حَتَّى صَارَ لا يَشْهَدُ إِلا الْجُمْعَةَ، ثُمَّ كَثَرَتْ وَنَمَتْ فَتَقَاعَدَ أَيْضًا حَتَّى كَانَ لا يَشْهَدُ جُمْعَةً وَلا جَمَاعَةً، وَكَانَ إِذَا كَانَ يَوْمُ جُمْعَةٍ خَرَجَ يَتْلَقَّى النَّاسَ يَسْأَلُهُمْ عَنِ الأَخْبَارِ فَذَكَرَهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يَوْمٍ فَقَالَ: مَا فَعَلَ ثَعْلَبَةُ؟ فَقَالُوا:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، اتَّخَذَ ثَعْلَبَةُ غَنَمًا لا يَسَعُهَا وَادٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا وَيْحَ ثَعْلَبَةَ، يَا وَيْحَ ثَعْلَبَةَ، يَا وَيْحَ ثَعْلَبَةَ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ الصَّدَقَةِ، فبعث رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلا مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، وَرَجُلا مِنْ بَنِي جُهَيْنَةَ، وَكَتَبَ لَهُمَا أَسْنَانَ الصَّدَقَةِ كَيْفَ يَأْخُذَانِ وَقَالَ لَهُمَا: مُرَّا بِثَعْلَبَةَ بْنِ حَاطِبٍ، وَبِرَجُلٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، فَخُذَا صَدَقَاتِهِمَا، فَخَرَجَا حَتَّى أتيا ثعلبة فسألاه الصدقة، وأقرءاه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَا هَذِهِ إِلا جِزْيَةٌ: مَا هَذِهِ إِلا أُخْتُ الْجِزْيَةِ: انْطَلِقَا حَتَّى تَفْرَغَا ثُمَّ عُودَا إِلَيَّ، فَانْطَلَقَا وَسَمِعَ بِهِمَا السُّلَمِيُّ، فَنَظَرَ إِلَى خِيَارِ أَسْنَانِ إِبِلِهِ، فَعَزَلَهَا لِلصَّدَقَةِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَهُمَا بِهَا، فَلَمَّا رَأَيَاهَا قَالا: مَا هَذَا عَلَيْكَ، قَالَ: خُذَاهُ فَإِنَّ نَفْسِي بِذَلِكَ طَيِّبَةٌ، فَمَرَّا عَلَى النَّاسِ وَأَخَذَا الصَّدَقَةَ، ثُمَّ رَجَعَا إِلَى ثَعْلَبَةَ، فَقَالَ: أَرُونِي كِتَابَكُمَا، فَقَرَأَهُ فَقَالَ: مَا هَذِهِ إِلا جِزْيَةٌ، مَا هَذِهِ إِلا أُخْتُ الْجِزْيَةِ، اذْهَبَا حَتَّى أَرَى رَأْيِي، فَأَقْبَلا فَلَمَّا رَآهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يُكَلِّمَاهُ قَالَ: يَا وَيْحَ ثَعْلَبَةَ، ثُمَّ دَعَا لِلسُّلَمِيِّ بِخَيْرٍ، وَأَخْبَرَاهُ بِالَّذِي صَنَعَ ثَعْلَبَةُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ 9: 75 إلى قوله وَبِما كانُوا يَكْذِبُونَ 9: 77 [2] وَعِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مِنْ أَقَارِبِ ثَعْلَبَةَ سَمِعَ ذَلِكَ، فَخَرَجَ حَتَّى أَتَاهُ، فَقَالَ: وَيْحَكَ يَا ثَعْلَبَةَ، قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيكَ كَذَا وَكَذَا فَخَرَجَ ثَعْلَبَةُ حَتَّى أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَهُ أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ صَدَقَتَهُ فَقَالَ:
إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَنَعَنِي أَنْ أَقْبَلَ مِنْكَ صَدَقَتَكَ، فَجَعَلَ يَحْثِي التُّرَابَ عَلَى رَأْسِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا عَمَلُكَ، قَدْ أَمَرْتُكَ فَلَمْ تُطِعْنِي، فَلَمَّا أَبَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقْبِضَ صَدَقَتَهُ رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ، وَقُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَقْبِضْ مِنْهُ شَيْئًا.
ثُمَّ أَتَى أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ اسْتُخْلِفَ، فَقَالَ: قَدْ عَلِمْتَ مَنْزِلَتِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَوْضِعِي مِنَ الأَنْصَارِ فَاقْبَلْ صَدَقَتِي، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَمْ يَقْبَلْهَا رَسُولُ اللَّهِ مِنْكَ، أَنَا أَقْبَلُهَا؟ فَقُبِضَ أَبُو بَكْرٍ رضى الله عنه ولم يقبلها.

[1] في الأصل والمطبوعة: معاذ، بالذال، والصواب ما أثبتناه، وينظر المشتبه: 599.
[2] التوبة: 75، 76، 77.
اسم الکتاب : أسد الغابة ط الفكر المؤلف : ابن الأثير، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 284
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست