اسم الکتاب : أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض المؤلف : المقري التلمساني الجزء : 1 صفحة : 217
التسليم في فعله لكم، ورميتم غيركم بالتقصير في حاله كله، طريقة من يبصر القذى في عين أخيه ويدع الجذع في عينه، وأقصى ما تسنى للمحب أيام كونكم بالأندلس، تقلد كلفة قضاء الجماعة، وما كان إلاّ أنَّ وليتها بقضاء الله وقدره، فقد تبين لكل ذي عقل سليم أنّه لا موجد إلاّ الله، وإذا كان كذلك كان الخير والشر والطاعة والمعصية حاصلاً بإيجاده سبحانه وتخليقه وتكوينه، من غير عاضد له على تحصيل مراده ولا معين، ولكنه، جلت قدرته، وعد فاعل الخير بالثواب فضلا منه، وأوعد فاعل الشر بالعقاب عدلا منه، وكأني بكم تضحكون من تقرير هذه المقدمة، وما أحوجكم إلى تأملها بعين اليقين، فكابدت أيام تلك الولاية النكدة من الكناية، باستحقاركم للقضايا الشرعية، وتهاونكم بالأمور الدينية، ما يعظم الله به الأجر، وذلك في جملة مسائل، منها مسألة أبن الزبير المقتول على الزندقة بعد تقضي موجباته، على كره منكم؛ ومنها مسألة أبن أبي العيش المثقف في السجن على آرائه المضلة، التي كان منها دخوله على زوجه إثر تطليقه إياها بالثلاث، وزعمه أنَّ رسول الله) أمره بالمشافهة بالاستمتاع بها، فحملتم أحد ناسكم تناول إخراجه من الثقاف، ومن غير مبالاة بأحد؛ ومنها أنَّ أحد الفتيان المتعلقين بكم توجهت عليه مطالبة بدم القتيل، وسيق المدعي عليه للذبح بغير سكين، فما وسعتني بمقتضي الدين إلاّ حبسه على ما أحكمته السنة، فأنتقم لذلك، وسجنتم الطالب ولي الدم، وسرحتم الفتى المطلوب على الفور، إلى غير ذلك مما لا يسع الوقت شرحه، ولا يجمل بي ولا بكم
اسم الکتاب : أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض المؤلف : المقري التلمساني الجزء : 1 صفحة : 217