اسم الکتاب : أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض المؤلف : المقري التلمساني الجزء : 1 صفحة : 213
" إنَّ من شر الناس من تركه الناس اتقاء فحشه ". ولا غيبة فيمن ألقى جلباب الحياء عن وجهه؛ ونرحمه على ما أبداه وأهداه من العيوب التي نسبها لأخيه، واستراح على قوله بها فيه، ونذكره على طريقة نصيحة الدين، بالحديث الثابت في الصحيح عن رسول الله) ، وهو قوله: " أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع! فقال: إنَّ المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطي هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإذا فنيت حسناته قبل أنَّ يقضى مت عليه أخذ من خطاياهم، فطرحت عليه، ثم طرح في النار ". ويعلم الله أنَّ معنى هذا الحديث الثابت عن النذير الصادق، هو الذي حملني على نصحكم ومراجعتكم في كثير من الأمور، منها الإشارة عليكم بإذهاب عين ما كتبتم به في التاريخ وأمثاله، فإنكم نفعتم بما وقعتم فيه من الغيبة المحرمة أحياء وأمواتاً، لغير شيء حصل بيدكم، وضررتم نفسكم بما رتبتم من المطالبات بنص الكاتب والسنة قبلكم، والرضا بهذه الصفقة الخاسرة أمر بعيد من الدين والعقل. وقد قلت لكم غير ما مرة عن أطراسكم المسودة، بما دعوتم إليه من البدعة، والتلاعب بالشريعة: إنَّ حقها التخريق والتحريق، وإنَّ أطراها لكم فقد خدع نفسه وخدعكم، والله الشهيد بأني نصحتكم وما غششتكم، وليس هذا القول وإنَّ كان ثقيلا عليكم، بمخالف لمّا ذنبتم به من تقدم المواجهة بالملاطفة، والمعاملة بالمكارمة، فليست المداراة بقادحة في الدين، بل هي محمودة
اسم الکتاب : أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض المؤلف : المقري التلمساني الجزء : 1 صفحة : 213