اسم الکتاب : يوميات شامية المؤلف : ابن كنان الجزء : 1 صفحة : 139
وبقيت الشام مسكرةً لم تفتح في ذلك اليوم إلى الآن في التاريخ المذكور، ولا يعلم ما يصير، نسأله سبحانه الرضا والعفو وإصلاح هذه القضية ببركته عليه السلام، وهو الكبير المتعال سبحانه جل جلاله. والأسواق كلها مسكرة خوفاً من الرصاص والبارود من دولة الشام ومن التفكجية جماعة الباشا، والرمي والرصاص واقع، ولا قوة إلا بالله تعالى، وهو العلي العظيم.
ربيع الثاني، وأوله الأربعاء، لأن أول ربيع الأول الاثنين، وهو يوم التاسع والعشرين، والثلاثاء يوم الثلاثين، فأوله الأربعاء.
ليلة الخميس، مساء يوم الأربعاء ثاني ربيع الثاني، دعانا الأخ الشيخ محمد الحنبلي إلى داره بالشاغور، نحن وجماعة من الأفاضل، وصار أنس كلي وانشراح، وإخوان صدق ذوي تقى وفلاح. والحاصل أن ربيع الثاني قيل أوله الثلاثاء وقيل الأربعاء.
أخت محمد اليزبكي
وفي يوم الاثنين، يوم السادس من ربيع الثاني، توفيت المرأة الصالحة أخت السيد محمد أفندي بن الشيخ مراد اليزبكي، وصلي عليها العصر في السليمية، ودفنت تحت الإيجية بسفح قاسيون.
وفي يوم الجمعة العاشر من ربيع الثاني، كان الفراغ من تعلق إسماعيل ابن صادق، وهو من أول شهر صفر، وربيع الأول، وعشرة من ربيع الثاني، فالجملة سبعون يوماً، شهران وعشرة أيام، والله ولي الإرشاد.
هرب الباشا من دمشق
وفيه خرج الباشا إلى الأطراف، من بلدة إلى بلدة ومن قرية إلى قرية، وأتلفوا مغلاً كثيراً للناس، ونزل في قرية القطيفة، والمدافع وضعها في قرية حسية.
ثم جيش عسكر الشام عليه بما لا يحصى كثرةً، وتوجهوا نحوه، ففر منها ولم يعلموا جهته وجماعته. وقيل إنه ذهب إلى حمص أو حماة.
ثم إنه في سادس عشر الشهر، سفروا رجلاً في عرض للسلطنة. وأراد أن يرسل أُولاقياً ليتجسس على البلد، وأيضاً أن يرسلوا خزنته وماله، فأرسلوها له، ولم يبق له شيء في السرايا، والله اللطيف بأحوال عباده المؤمنين.
نصرة السلطان
وفي يوم الجمعة المذكور سابقاً، جاء خبر بزينة تجيء للشام ولجميع الممالك للفرح بنصرة الإسلام، فإنهم أخذوا مدينة بير الأغراض، ومدينة دمشوار، داخلها على ما شاع، وإلى الآن الثغر، وأخذوا قلاعاً على البحر الرومي لا تحصى، تبلغ نحو الماية قلعة، والحمد لله على هذا النصر المتين والفتح المبين.
عودة إلى حسين باشا
جمادى الأولى، وفي يوم الأربعاء ثامن عشرين جمادى الأولى سنة 1152، سكرت الناس الحوانيت أكثرها، وأن الوجاقات بدمشق، غير رايدين لحسين باشا، والحال أنه خارج البلد، نازل ظاهر حمص على نهر الفرات، والله يحسن الأحوال بمنه وكرمه آمين.
عزله
جمادى الثاني، وأوله السبت، فيه عزل حسين بعرض أهل الشام، وقاسوا منه الشدايد والخوف والفزع، وهو أخوف الناس منهم، لأنهم كانوا مجيشين عليه بأربعين ألفاً، ينتظروا جواب المكتوب.
الفرح بعزله
ففي تاسع العشرين من الأول يوم الجمعة ورد صبي الذي راح في العرض بالبشارة، وذهب للحقلجية فبشرهم فأعطوه البخاشيش الكثير، وشعلت أرباب الحوانيت على الحوانيت الثريات، وأوقدوا الشموع واطمأن الناس.
نياته الخبيثة
وكان مراده يجيش على الشام بالمغاربة والدالاتية، ونهب المغاربة السويقة باغرائه، وأغرى الدالاتية على نهب السروجية، ويقول: ما معي خبر، والحمد لله على خذلانه.
أسرار لا إله إلا الله
وفي ليلة أول شهر جمادى الثاني 1152، وهو ليلة السبت أول الشهر، أخذتني بين العشائين سهوة من النوم، رأيت قائلاً يقول: إذا قال العبد لا إله إلا الله استند إلى الوهاب، لا تغيير ولا تبديل وكتبتها لعلو مرماها، وإن إلهامها وذكرها فيه هبات إلهية، فلا يتغير عنها ولا يتبدل، لأنها من بات إلهية، ذكرها وقولها واعتيادها، وكان من أهل طريق إلهية، وهبة الحق للعبد بشيء من ذكر لا إله إلا الله هبة، والكافر لا هبة له، إذ الهبة لمن أهله الله إليها، وهو المؤمن، فهي موهوبة له، لا لغيره، فافهم.
وفي يوم الاثنين ثالث جمادى الثاني أوله السبت وقيل الجمعة ورد المتسلم الجديد، وعزل حسين باشا من دمشق، وفرح الناس وعملوا في النهار التزيينات والمشاعل، وصار الفرح الكلي في دمشق بمفارقة هذا الخبيث. السلطان يوصي بدمشق
اسم الکتاب : يوميات شامية المؤلف : ابن كنان الجزء : 1 صفحة : 139