responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موقعة اليرموك دراسة وتحليل المؤلف : محمد السيد الوكيل    الجزء : 1  صفحة : 181
خَالِد يَأْمر بالهجوم:
سمع الْمُسلمُونَ هَذِه الْكَلِمَات فَوَقَعت من نُفُوسهم موقعاً أنساهم قلتهم وَكَثْرَة عدوهم، وتطلعت قُلُوبهم إِلَى مَا عِنْد الله، وهبت عَلَيْهِم من خلالها نسائم الْجنَّة فاشتاقوا إِلَيْهَا، ولمح خَالِد فِي الْجنُود حماساً لم يره من قبل، وَرَأى حبهم للْجِهَاد على النَّحْو الَّذِي كَانَ يتطلع إِلَيْهِ مُنْذُ قدم إِلَى اليرموك، وتأكد أَن الْمُسلمين قد تأهبوا للمعركة بِكُل إمكاناتهم، فانتهز الفرصة، وَأمر عِكْرِمَة والقعقاع أَن ينشبا الْقِتَال، فبرز الْقَعْقَاع وَهُوَ يرتجز:

لم ينس خَالِد أَن يخْتَار من جُنُوده من يتَوَلَّى أُمُور الْمُسلمين، فَبعد أَن نظم الكراديس وَاخْتَارَ لَهَا مهرَة القواد، عين أَبَا الدَّرْدَاء قَاضِيا، وَأَبا سُفْيَان واعظاً، وَجعل على الطَّلَائِع قباث بن أَشْيَم، وعَلى الأقباض عبد الله بن مَسْعُود، وَكَانَ الْقَارئ الْمِقْدَاد، يَقُول الطَّبَرِيّ: "وَمن السّنة الَّتِي سنّ رَسُول الله -صلى الله عَلَيْهِ وَسلم- بعد بدر أَن تقْرَأ سُورَة الْجِهَاد عِنْد اللِّقَاء -وَهِي الْأَنْفَال- وَلم يزل النَّاس بعد ذَلِك على ذَلِك"[1].
وَقَامَ أَبُو سُفْيَان بدوره كواعظ للْمُسلمين خير قيام فَقَالَ وَهُوَ يمشي بَين الكراديس: يَا معشر الْمُسلمين، أَنْتُم الْعَرَب وَقد أَصْبَحْتُم فِي دَار الْعَجم منقطعين عَن الْأَهْل، نائين عَن أَمِير الْمُؤمنِينَ وإمداد الْمُسلمين، وَقد وَالله أَصْبَحْتُم بِإِزَاءِ كثير عدده، شَدِيد عَلَيْكُم حنقه وَقد وترتموهم فِي أنفسهم وبلادهم وَنِسَائِهِمْ، وَالله لَا ينجيكم من هَؤُلَاءِ الْقَوْم، وَلَا يبلغ بكم رضوَان الله غَدا إِلَّا بِصدق اللِّقَاء وَالصَّبْر فِي المواطن الْمَكْرُوهَة، أَلا وَإِنَّهَا سنة لَازِمَة، وَإِن الأَرْض وراءكم، وَبَيْنكُم وَبَين أَمِير الْمُؤمنِينَ وَجَمَاعَة الْمُسلمين صحاري وبراري لَيْسَ لأحد فِيهَا معقل وَلَا معول إِلَّا الصَّبْر، ورجاء وعد الله فَهُوَ خير معول، فامتنعوا بسيوفكم وتعاونوا ولتكن هِيَ الْحُصُون.
ثمَّ ذهب إِلَى النِّسَاء فوصاهن، ثمَّ عَاد فَنَادَى، يَا معشر أهل الْإِسْلَام حضر مَا ترَوْنَ، هَذَا رَسُول الله وَالْجنَّة أمامكم، والشيطان وَالنَّار خلفكم، وَرجع إِلَى موقفه فِي الصَّفّ حَيْثُ كَانَ.
وَقَامَ أَبُو هُرَيْرَة بعد أبي سُفْيَان فَقَالَ: سارعوا إِلَى الْحور الْعين وَجوَار ربكُم -عز وَجل- فِي جنَّات النَّعيم، مَا أَنْتُم إِلَى ربكُم فِي موطن بِأحب إِلَيْهِ مِنْكُم فِي مثل هَذَا الموطن، أَلا وَإِن للصابرين فَضلهمْ[2].

[1] الطَّبَرِيّ (3/397) .
[2] ابْن كثير (7/9) .
اسم الکتاب : موقعة اليرموك دراسة وتحليل المؤلف : محمد السيد الوكيل    الجزء : 1  صفحة : 181
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست