يقول: قاتلوا الذين يلونكم من الكفّار وليجدوا فيكم غلظة «1» فطلبت أيّ الكفّار أضرّ على الإسلام، وأقرب من موضعي، فلم أجد أضر على الإسلام منك، لأن الكفار أظهروا كفرهم، فاستبصر الناس في أمرهم، وعرفوهم فخافوهم.
وأنت ختلت المسلمين بالإسلام، وأسررت الكفر، فقتلت بالظنّة، وعاقبت بالتهمة، وأخذت المال من غير حله فأنفقته في غير حله، وشربت الخمر المحرمة صراحا، وأنفقت مال الله على الملهّين وأعطيته المغنين، ومنعته من حقوق المسلمين، فغششت بالإسلام، وأحطت بأقطاره إحاطة أهله، وحكمت فيه للمشرك، وخالفت الله ورسوله في ذلك خلافة المضاد المعاند، فإن يسعدني الدهر، ويعني الله عليك بأنصار الحق، أبذل نفسي في جهادك بذلا يرضيه مني، وإن يمهلك ويؤخرك ليجزيك بما تستحقه في منقلبك، أو تخرتمني الأيام قبل ذلك فحسبي من سعي ما يعلمه الله عزّ وجلّ من نيتي، والسلام.
ولم يزل عبد الله متواريا إلى أن مات في أيام المتوكل.
فحدثني أحمد بن سعيد، قال: حدثني يحيى بن الحسن، قال: حدثنا اسماعيل بن يعقوب، قال: سمعت محمد بن سليمان الزينبي «2» يقول:
نعى عبد الله بن موسى إلى المتوكل صبح أربع عشرة ليلة من يوم مات، ونعى له أحمد بن عيسى فاغتبط بوفاتهما وسر، وكان يخافهما خوفا شديدا ويحذر حركتهما، لما يعلمه من فضلهما، واستنصار الشيعة الزيدية بهما وطاعتها لهما لو أرادوا الخروج عليه، فلما ماتا أمن واطمأن، فما لبث بعدهما إلّا أسبوعا حتى قتل.
وكان عبد الله بن موسى يقول شيئا من الشعر.
أنشدني أحمد بن سعيد، قال: أنشدنا يحيى بن الحسن، قال: أنشدني إسماعيل بن يعقوب لعبد الله بن موسى:
وإني لمرتاد جوادي وقاذف ... به وبنفسي العام إحدى المقاذف
«3»