ورد عين التمر في فوارس معه، جريدة لا راجل فيهم، وأخذ على النهرين حتى ورد إلى نينوى فجاء إلى قبر الحسين.
قال نصر بن مزاحم: فحدثني رجل من أهل المدائن، قال:
إني لعند قبر الحسين في تلك الليلة، وكانت ليلة ذات ريح ورعد ومطر، إذا بفرسان قد أقبلوا فترجلوا ودخلوا إلى القبر فسلموا، وأطال رجل منهم الزيارة ثم جعل يتمثل أبيات منصور بن الزبرقان النمري:
نفسي فداء الحسين يوم عدا ... إلى المنايا عدو لا قافل «1»
ذاك يوم أنحى بشفرته «2» ... على سنام الإسلام والكاهل
كأنما أنت تعجبين ألّا ... ينزل بالقوم نقمة العاجل
لا يعجل الله إن عجلت وما ... ربك عمّا ترين بالغافل
مظلومة والنبي والدها ... يدير أرجاء مقلة جافل
ألا مساعير يغضبون لها ... بسلّة البيض والقنا الذابل
قال: ثم أقبل عليّ فقال: ممن الرجل؟.
فقلت: رجل من الدهاقين من أهل المدائن.
فقال سبحان الله، يحن الولي إلى وليّه كما تحن الناقة إلى حوّارها، يا شيخ إن هذا موقف يكثر لك عند الله شكره ويعظم أجره.
قال: ثم وثب فقال: من كان ها هنا من الزّيدية فليقم إليّ، فوثبت إليه جماعات من الناس، فدنوا منه فخطبهم خطبة طويلة ذكر فيها أهل البيت وفضلهم وما خصّوا به، وذكر فعل الأمّة بهم وظلمهم لهم، وذكر الحسين بن علي فقال:
أيها الناس، هبكم لم تحضروا الحسين فتنصروه، فما يقعدكم عمن أدركتموه ولحقتموه؟ وهو غدا خارج طالب بثأره وحقه، وتراث آبائه وإقامة دين الله، وما يمنعكم من نصرته ومؤازرته؟ إنني خارج من وجهي هذا إلى الكوفة للقيام بأمر الله، والذّب عن دينه، والنصر لأهل بيته، فمن كان له نية في ذلك فليلحق بي. ثم مضى من فوره عائدا إلى الكوفة ومعه أصحابه.