فجبهه ابن مصعب بحضرة الرشيد وقال له: نعم يا أمير المؤمنين إن هذا دعاني إلى بيعته.
قال له يحيى: يا أمير المؤمنين، أتصدّق هذا وتستنصحه؟ وهو ابن عبد الله بن الزبير الذي أدخل أباك وولده الشعب وأضرم عليهم النار حتى تخلّصه أبو عبد الله الجدلي صاحب علي بن أبي طالب منه [عنوة] «1» .
وهو الذي بقي أربعين جمعة لا يصلي على النبي (ص) في خطبته حتى التاث عليه الناس، فقال: إن له أهل بيت سوء إذا [صليت عليه أو] ذكرته [أتلعوا أعناقهم «2» واشرأبوا لذكره] وفرحوا بذلك فلا أحب أن أقر عينهم بذكره.
وهو الذي فعل بعبد الله بن العباس ما لا خفاء به عليك «3» حتى لقد ذبحت يوما عنده بقرة فوجدت كبدها قد نقبت فقال ابنه علي بن عبد الله: يا أبة أما ترى كبد هذه البقرة؟.
فقال: يا بني، هكذا ترك ابن الزبير كبد أبيك، ثم نفاه إلى الطائف، فلما حضرته الوفاة قال لعلي ابنه: يا بني، ألحق بقومك من بني عبد مناف بالشام، [ولا تقم في بلد لابن الزبير فيه إمرة] «4» . فاختار له صحبة يزيد بن معاوية على صحبة عبد الله بن الزبير.
وو الله إن عداوة هذا [يا أمير المؤمنين] لنا جميعا بمنزلة سواء، ولكنه قوى عليّ بك، وضعفت عنك، فتقرّب بي إليك، ليظفر منك بما يريد، إذ لم يقدر على مثله، منك، وما ينبغي لك أن تسوّغه ذلك في، فإن معاوية بن أبي سفيان، وهو أبعد نسبا منك إلينا، ذكر يوما الحسن بن علي فسفهه «5» فساعده عبد الله بن الزبير على ذلك، فزجره معاوية [وانتهره] فقال: إنما ساعدتك يا أمير المؤمنين! فقال: إن الحسن لحمي آكله. ولا أوكله.