اسم الکتاب : معالم حضارات الشرق الأدني القديم المؤلف : محمد أبو المحاسن عصفور الجزء : 1 صفحة : 89
كثيرة تبين هذه العقيدة، ومن ذلك مثلًا أن أحد الناس كتب خطابًا إلى روح زوجته المتوفاة يرجوها فيه أن تكفَّ عن أذاه ويذكرها بما كان يبذله من أجلها أثناء حياتها؛ كذلك اعتقد المصري بأن الميت كان يبرر موقفه أمام أزوريس الذي كان قاضيًا وحاكمًا في العالم السفلي فيتقدم بسلسلة من الاعترافات الإنكارية أو السلبية حتى يقبله في مملكته التي يعيش فيها المبرئون والمرحومون، ومن هذه الاعترافات مثلًا: أنا لم أسرق ولم امتهن أرملة ولم أكذب ... إلخ.
وكانت قاعة المحكمة يمثل فيها أزوريس كرئيس للمحكمة ومن حوله اثنان وأربعون قاضيًا وفيها يشرف تحوت على الميزان الذي يوزن فيه قلب المتوفى في مقابل ريشة العدل التي توضع في الكفة الأخرى من الميزان؛ فمن كان قلبه أثقل منها ثبتت براءته واعتبر في عداد الأبرار الذين لهم الحق في الوصول إلى حقول يارو، أما من تثبت إدانته؛ فيلقى قلبه إلى حيوان خرافي متوحش مخيف ليلتهمه ويلقى الميت جزاءه في النار ولا يصحب إله الشمس في رحلته ولا ينتظم بين الأرواح السعيدة التي تتلألأ في السماء.
ومن ذلك يتبين أن الدين كان يحض على مكارم الأخلاق وأن تلك المعايير الأخلاقية لا شك في أنها في أول الأمر عادات اجتماعية فرضها المجتمع وأصبح لها من القوة ما جعلها من التعاليم الدينية.
ولما كان المصري لا يشك إطلاقًا في البعث؛ فإنه حرص على المحافظة على جسده حتى تتعرف عليه الروح وتعود إليه بسهولة كما كان يحرص على بقاء هذا الجسد سليمًا حتى لا يبعث في حالة غير التي كان عليها،
اسم الکتاب : معالم حضارات الشرق الأدني القديم المؤلف : محمد أبو المحاسن عصفور الجزء : 1 صفحة : 89