اسم الکتاب : معالم تاريخ الشرق الأدني القديم المؤلف : محمد أبو المحاسن عصفور الجزء : 1 صفحة : 401
أن جروتفند كان قد توصل إلى معرفة أسماء ثلاثة ملوك من قبل, وقد لاحظ أن النقشين يتشابهان في احتواء كل منهما على ثلاث مجموعات من العلامات, استنتج أنها لنفس هؤلاء الملوك ومنها توصل إلى معرفة عدد من الحروف، كذلك وجد أن هذه الأسماء وردت في الأسطر الأولى من النقش المدون بالفارسية القديمة, وتذكر سلسلة نسب أجزركسيس، كما وردت في فقرة من تاريخ هيرودوت؛ فساعد ذلك على التعرف على أسماء أكثر، وتوالى نجاحه بعد ذلك حتى تمكن من تفسير النقش بأكمله ونشره في سنة 6-1849.
ومن حل رموز هذه اللغة ومن تفسير مختلف النصوص التي عثر عليها أمكن التعرف على تاريخ إيران, والتوصل إلى أنه ينحصر في مرحلتين أساسيتين هما: مرحلة تاريخ عيلام، مرحلة تاريخ الإيرانيين "الميديين والفرس".
أولًا- عيلام:
في بداية الألف الثالث قبل الميلاد لم يدخل من إيران في العصر التاريخي سوى منطقة عيلام وحدها, أما بقية المناطق فإن معلوماتنا عنها تأتي من مصادر بلاد النهرين التاريخية وعلى الأخص المصادر البابلية, وهذه لا تذكر شيئًا عن الجهات الداخلية البعيدة؛ وإنما تكتفي بالمناطق المتاخمة لها على الحدود؛ حيث كان سكانها يعيشون على التلال ويحتكون دائمًا بأهل بلاد النهرين السومريين والساميين، وسكان المناطق المرتفعة هؤلاء هم من الجنوب إلى الشمال: العيلاميون والكاشيون واللولوبي والجوتي، وكلهم ينتمون إلى جنس واحد ويتكلمون لغات متشابهة. وقد أدى الضغط المستمر الذي كانت تفرضه عليهم الممالك المتحضرة في السهول إلى اتحادهم أحيانًا وبصفة مؤقتة؛ إذ كان الكفاح مستمرًّا بين الأمم المتحضرة في السهول وبين البدو وأشباه البدو في المناطق الجبلية؛ فكلما تكونت أسرة قوية في بابل زاد الضغط على سكان المناطق الجبلية, وكلما ضعفت بابل انحدر
اسم الکتاب : معالم تاريخ الشرق الأدني القديم المؤلف : محمد أبو المحاسن عصفور الجزء : 1 صفحة : 401