اسم الکتاب : مرآة الجنان وعبرة اليقظان المؤلف : اليافعي الجزء : 1 صفحة : 345
غيره: ولد بالأهواز، ونقل منها وعمره سنتان، وأمه هوزانية، وكان أبوه من جند مروان بن محمد آخر ملوك بني أمية، وكان من أهل دمشق، فانتقل إلى الأهواز وتزوج وأولد عدة أولاد منهم أبو نواس وأبو معاذ، فأما أبو نواس فأسلمته أمه إلى بعض العطارين، فرآه أبو أسامة بن الحباب، فاستخلاه وقال له: ارى فيك مخائل أرى لا تضيعها، وستقول فاصحبني أخرجك فقال له: ومن أنت؟ قال أبو أسامة بن الحباب. قال: نعم أنا والله في طلبك، ولقد أردت الخروج إلى الكوفة بسببك لآخذ عنك وأسمع منك شعرك، فصار أبو نواس معه، وقدم به بغداد، وأول ما قاله من الشعر وهو صبي.
حامل الهوى تعب، يستخفه الطرب ... إن بكى بحق له، ليس مابه لعب
تضحكين لاهية، والمحب ينتحب ... تعجبين من سقمي، صحتي هي العجب
قالوا وهو في الطبقة الأولى من المولدين، وشعره عشرة أنواع، وهو مجيد في العشرة، وقد اعتنى بجمع شعره جماعة، فلهذا يوجد ديوانه مختلفاً. وحكي في بعض الكتب أن المأمون كان يقول: لو وصفت الدنيا نفسها لما وصفت بمثل قول أبي نواس:
ألا كل حي هالك وابن هالك ... وذو نسب في الهالكين غريق
إذا امتحن الدنيا لبيب تكشفت ... له عن عدو في ثياب صديق
وإنما قيل له أبو نواس لذوابتين كانتا له تنوسان على عاتقه، وعن ابن عيينة أنه قال: هو أشعر الناس، وقال الجاحظ: ما رأيت أعلم باللغة منه، وقال أبو حاتم السجستاني: كانت المعاني مدفونة حتى أثرها أبو نواس، وقال: لولا أن العامة استبذلت هذين البيتين لكتبتهما بماء الذهب، وهما لأبي نواس:
ولو أني استزدتك فوق مالي ... من البلوى لأعوذك المزبد
ولو عرضت على الموتى حياتي ... بعيش مثل عيشي لم يريدوا
قلت: ويحكى له من النوادر والغرائب والمخترعات العجائب ما يطول في تعداد الحاسب، من ذتك ما حكي عن هارون الرشيد أنه كان ذات ليلة من الليالي يطوف في داره، فلقي جارية من جواريه، وكان يجد بها وجداً ويلتمس منها حاجته فتأبى عليه، فوجدها في تلك الليلة سكرى، فجمشها، فانحل إزارها وسقط خمارها عن منكبيها، فقالت: امهلني تلك الليلة يا أمير المؤمنين، فغداً أسير إليك، فخلاها، فلما كان الصبح أرسل إليها خادماً وقال: اجيبي أمير المؤمنين، فقالت: ارجع عليه وقل له: كلام الليل يمحوه النهار، فرجع إليه وعرفه بذلك، فقال له: انظر من على الباب من الشعراء، فلقى الرقاشي وأبا مصعب
اسم الکتاب : مرآة الجنان وعبرة اليقظان المؤلف : اليافعي الجزء : 1 صفحة : 345