اسم الکتاب : مرآة الجنان وعبرة اليقظان المؤلف : اليافعي الجزء : 1 صفحة : 237
وكانوا ثمانين، خلق الله تعالى في قلوبهم لغات مختلفة فأصبح كل واحد منهم يتكلم بلغة، والله تعالى أعلم. وفيها توفي هشام بن عروة بن الزبير الفقيه أبو المنذر أحد أثمة الحديث، ادرك عمه عبد الله بن الزبير، وقال: مسح ابن عمر برأسي ودعا لي، قال وهيب: قدم علينا هشام بن عروة وكان مثل الحسن، وابن سيرين وكان من المكثرين من الحديث المعدودين في أكابر العلماء وجلة التابعين، ورأى جابر بن عبد الله الأنصاري وأنس بن مالك وسهل بن سعد، وقيل إنه سمع من عمه عبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمر، روى عنه جماعة من جلة المحدثين منهم يحيى بن سعيد القطان ووكيع، وقدم الكوفة في أيام أبي جعفر المنصور فسمع منه الكوفيون، وقيل ولد عمر بن عبد العزيز وهشام بن عروة والزهري وقتادة والأعمش ليالي قتل الحسين بن علي، وكان قتله يوم عاشوراء سنة إحدى وستين من الهجرة، وقدم هشام بغداد على المنصور، وتوفي بها، فصلى عليه المنصور، ودفن بمقبرة الخيزران، رحمه الله تعالى.
سنة سبع وأربعين ومائة
فيها ألح المنصور وأكثر وتحيل بكل ممكن على ولي العهد عيسى بن موسى بالرغبة والرهبة حتى خلع نفسه كرهاً، وقيل بل عوضه عشرة آلاف درهم على أن يكون ولي العهد بعده المهدي بن منصور. وفيها توفي رؤبة بن العجاج البصري التميمي السعدي، هو وأبوه راجزان مشهوران، كل منهما له ديوان رجز ليس فيه شعر. قلت هكذا قال بعضهم مع أن الصحيح أن الرجز شعر وهو مذهب سيبويه والصحيح عند المحققين خلافاً للأخفش وتابعيه، وهما مجيدان في رجزهما، وكان رؤبة بصيراً باللغة عارفاً بوحشيها وعريبها. حكى يونس بن حبيب النحوي، قال: كنت عند أبي عمرو بن العلاء فجاءه شبيل بن عزرة الضبعي، فقام إليه أبو عمرو وألقى إليه لبد بغلته فجلس عليه، ثم أقبل عليه يحدثه، فقال: يا أبا عمر، وسألت رؤبتكم عن اشتقاق اسمه فأعرفه يعني رؤبة. قال يونس: فلم أملك نفس عند ذكره فقلت له لعلك تظن أن معد بن عدنان أفصح منه ومن أبيه؟ افتعرف ما الرؤبة والرؤبة والرؤية والرؤبة والرؤبة غلام رؤبة؟ فلم يخرج جواباً، فقام مغضباً وأقبل على أبي عمرو، وقال: هذا رجل شريف يزور مجالسنا ويقضي حقوقنا، وقد أسأت فما فعلت
اسم الکتاب : مرآة الجنان وعبرة اليقظان المؤلف : اليافعي الجزء : 1 صفحة : 237