responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مرآة الجنان وعبرة اليقظان المؤلف : اليافعي    الجزء : 1  صفحة : 224
شعبان، ولما حج أبو مسلم المذكور أمر منادياً في طريق مكة: برئت الذمة من رجل أوقد ناراً في عسكر الأمير. فلم يزل يغديهم ويعشيهم حتى بلغ مكة، وأوقف في المسعى خمس مائة وصيف على رقابهم المناديل، يسقون الأشربة من سعى من الحاج بين الصفا والمروة، ولما وصل الحرم نزل وخلع نعليه ومشى حافياً تعظيماً للحرم، وهو أبو مسلم عبد الرحمن بن مسلم صاحب دعوة بني العباس منشىء دولتهم، خل خراسان وهو شاب فما زال يتحيل بإعانة وجوه شيعة بني العباس ونقبائهم حتى وثب على مرو فملكها. وحاصل الأمر أنه خرج من خراسان بعد أن حكم عليها وضبطها، فقاد جيشاً هائلاً، ومهد لبني العباس بعد أن قتل خلقاً لا يحصون محاربة وصبراً قيل كان حجاج زمانه.
وذكروا أن أباه رأى في المنام أنه جلس للبول فخرج من إحليله نار، وارتفعت في السماء وسدت الآفاق وأضاءت الأرض ووقعت بناحية المشرق، فقص رؤياه على عيسى بن معقل فقال: ان في بطن جاريتك غلاماً يكون له شأن أو كما قال، ثم فارقه ومات، فوضعت الجارية أبا مسلم، ونشأ عند عيسى فلما ترعرع اختلف مع ولده إلى المكتب، فخرج أديباً لبيباً يشار إليه في صغره، ثم إنه اجتمع على عيسى بن معقل وأخيه ادريس جد أبي دلف العجلي بقايا من الخراج تقاعدا من أجلها من حضور مؤدي الخراج بأصفهان، فأنهى عامل أصفهان خبرهما إلى خالد بن عبد الله القسري وإلى العراقين، فأنقذ من الكوفة من حملهما إليه، فتركهما في السجن، فصادفا فيه عاصم بن يونس العجلي محبوساً ببعض الأسباب، وقد كان عيسى بن معقل أرسل أبا مسلم إلى قرية من رستاق. فابق لاحتمال غلتها، فلما بلغه أن عيسى حبس باع ما كان احتمله من الغلة وأخذ ما اجتمع عنده من ثمنها ولحق بعيسى، فأنزله عيسى في بني عجل، وكان يختلف إلى السجن، ويتعهد عيسى وإدريس ابني معقل، وكان قد قدم الكوفة جماعة من نقباء الإمام محمدبن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب مع عدة من شيعته، فدخلوا على العجليين السجن مسلمين، فصادفوا أبا مسلم عندهم، فأعجبهم عقله ومعرفته وأدبه وكلامه، ومال هو إليهم، ثم إنه عرف أمرهم وأنهم دعاة، واتفق مع ذلك هرب عيسى وادريس من السجن، فعدل أبو مسلم من دور بني عجل إلى هؤلاء النقباء، ثم خرج معهم إلى مكة حرسها الله تعالى، فأورد النقباء على إبراهيم بن محمد بن علي، وقد تولى الإمامة بعد وفاة أبيه عشرين دينار ومائتي ألف درهم، وأهدوا إليه أبا مسلم، فأعجب به وبمنطقه وعقله وأدبه فأقام أبو مسلم عنده يخدمه حضراً أو سفراً.

اسم الکتاب : مرآة الجنان وعبرة اليقظان المؤلف : اليافعي    الجزء : 1  صفحة : 224
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست