اسم الکتاب : مرآة الجنان وعبرة اليقظان المؤلف : اليافعي الجزء : 1 صفحة : 138
أما بعد فقد أتاني كتابك بعيداً من جوابك بمنطق غيرك، فإذا نظرت في كتابي هذا فلاتضعه من يدك حتى تبعث إلي بالرجل الذي سطر لك الكتاب والسلام. فقرأ العامل الكتاب على ابن القرية، فقال له تتوجه نحوه، وقال لا بأس عليك، وأمر له بكسوة، ونفقة وحمله إلى الحجاج، فلما دخل عليه قال ما اسمك؟ قال: ايوب. قال اسم نبي وأظنك أمياً تحاول البلاغة؟ ولا يستصعب عليك المقال وأمر له بنزل ومنزل، فلم يزل يزداد به عجباً حتى أوفده على عبد الملك بن مروان. فلما خلع عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس الكندي الطاعة بسجستان وهي واقعة مشهورة، بعثه الحجاج إليه فلما دخل عليه قال لتقومن خطيباً ولتخلعن عبد الملك ولتشتمن الحجاج أو لأضربن عنقك. قال: ايها الأمير إنما أنا رسول. قال: هو ما أقول لك فقام وخطب، وخلع عبد الملك وشتم الحجاج، وقام هناك فلما انصرف ابن الأشعث منهزماً كتب الحجاج إلى عماله بالري وأصبهان وما يليها يأمرهم أن لا يمر بهم أحد من قيل أو قال من أصحاب ابن الأشعث إلا بعثوا به أسيراً إليه، وأخذ ابن القرية في من أخذ فلما دخل على الحجاج قال أخبرني عما أسألك عنه. قال: سلني عمن شئت. قال أخبرني عن أهل العراق؟ قال: اعلم الناس بحق وباطل. قال: فأهل الحجاز؟ قال: اصرع الناس إلى فتنة وأعجزهم فيها قال: فأهل الشام؟ قال أطوع الناس لخلفائهم. قال فأهل مصر؟ قال عبيد من خلب يعني من خدع. قال فأهل البحرين؟ قال: بسط استعربوا قال: فأهل عمان؟ قال: عرب استنبطوا قال: فأهل الموصل؟ قال: اشجع فرسان وأقبل للأقران، قال فأهل اليمن؟ قال أهل أهواء أو قال أهواء ونقاء، واصبر عند اللقاء. قال: فأهل اليمامة؟ قال: اهل جفاء واختلاف وريف كثير وقرى يسير. قال: اخبرني عن العرب قال: سلني. قال: قريش؟ قال: اعظمها أحلاماً واكرمها مقاماً. قال: فبنو عامر بن صعصعة؟ قال: اطولها رماحاً وأكرمها صباحاً. قال: فبنو سليم؟ قال: اعظمها مجالس وأكرمها محاسن. قال: فثقيف؟ قال أكرمها جدوداً وأكثرها وفوداً. قال: فبنو زيد؟ قال ألزمها للرايات وأدركها للثارات. قال: فقضاعة؟ قال: اعظمها أحطاراً رأكرمها نجاراً وأبعدها آثاراً يعني النجار بالنون والجيم والراء بعد الألف الأصل والحسب. قال فالأنصار؟ قال أثبتها مقاماً وأحسنها إسلاماً، وأكرمها أياماً. قال: فتميم؟ قال: اظهرها جلداً وأثراها عدداً. قال: فبكر بن وائل؟ قال أثبتها صفوفاً واحدها سيوفاً..قال فعبد القيس؟ قال أسبقها إلى الغايات وأصبرها تحت الرايات. قال فبنو أسد؟ قال أهل عدد وجلد وعز ونكد. قال فلخم؟ قال ملوك وفيهم نوك يعني بالنوك بفتح النون الحمق. قال فجذام؟ قال يسعرون الحرب ويوقدونها ويلحقونها ثم يمرونها. قال فبنو الحارث؟ قال رعاة للقديم حماة عن الحريم. قال فمك؟ قال ليوث جاهدة في قلوب
اسم الکتاب : مرآة الجنان وعبرة اليقظان المؤلف : اليافعي الجزء : 1 صفحة : 138