اسم الکتاب : مرآة الجنان وعبرة اليقظان المؤلف : اليافعي الجزء : 1 صفحة : 122
قلت هذا هو الصواب الذي ذكره العلماء أنه إنما نقض الحجاج من جهة الحجر خاصة، وأما قول الذهبي: فنقض الكعبة وأعادها إلى بنائها في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فظاهره أنه نقض الكعبة كلها، وليس بصحيح. قلت وقد روي أن عبد الملك بن مروان لما حج طاف، وهو متكىء على كتف بعض من عنده معروف، جناء الكعبة حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك فقال: ما أظن أبا خبيب: يعني ابن الزبير سمع من عائشة ما يزعم أنه سمع منها. فقال: انا سمعت ذلك منها، فقال سمعتها تقول ماذا قال، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لي: " إن قومك استقصروا في النفقة، ولولا حدثان وروى حداثة عهد قومك بالكفر لأعدت البيت على ما كان عليه من زمن إبراهيم " قال فنكت عبد الملك بعود كان بيده في الأرض، وقال: وددت أني تركته وما تحمل، وكان قد كتب إليه الحجاج أن أبا خبيب قد أحدث في البيت، او قال في الكعبة ما لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثم استأذنه في ردها إلى ما كانت عليه في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأذن له في ذلك، وكان ابن الزبير قد استشار أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم في بناء، لما توهن بناء قريش بما تقدم ذكره من الرمي بالمنجنيق، وقيل جمرت فطارت الشرور واحترق بعض خشبها فتوهنت، وأشار عليه أكثرهم أن لا يفعل ذلك ومنهم ابن عباس وغيره من كبارهم، وقالوا: تخشى أن يفعل ذلك كل من ولي الأمر فيما بعد، ويذهب حرمة هذا البيت من قلوبهم، ونحو ذلك من المقال، وأشار عليه القليل منهم بنقضها، فلما عزم على ذلك خرجوا من مكة خشية أن ينزل بهم عقوبة بسبب ذلك، بعضهم خرج إلى الطائف، وبعضهم إلى منى، وأنكر العمال عن نقضها، فعلاها ابن الزبير بنفسه وأخذ في هدمها. قيل واستعمل في ذلك عبداً حبشياً دقيق الساقين بأن يكون ذلك هو ما جاء في الحديث من كونها " يهدمها ذو السويقين من الحبشة "، ولم يرجع من خرج من مكة إليها حتى أخذ في بنائها، وبعضهم حتى أكمل بناؤها، وكان أراد أن يجعل طينها من الورس، قيل له: انه لا يقيم ولا يستمسك البناء كالجص، فأرسل في جص فبعث به إليه من صنعاء اليمن. فلما فرع من بنائها قال من لي عليه طاعة فليخرج يعتمر شكراً لله عز وجل، فخرج في السابع والعشرين من رجب ماشياً، وخرج الناس معه فلم يروا يوم أكثرعتقاً ونحراً وذبحاً وصدقة من ذلك اليوم، قيل نحرهو فيه مائة من الإبل كل ذلك في جهة التنعيم وطرف الحل الذي يحرم منه للحمرة، ومن هاهنا صار كثير من الناس يعتمرون في اليوم المذكور من كل
اسم الکتاب : مرآة الجنان وعبرة اليقظان المؤلف : اليافعي الجزء : 1 صفحة : 122