يبين ذلك أنه أمر عائشة رضي الله عنها بالانصراف[1] عندما أراد الإسرار بها لعثمان رضي الله عنه.
كما أنه أسرَّ إليه إسراراً، رغم خلو المكان من غيرهما، حتى تغير لونه، مما يدل على عظم المسرِّ به، وربط عائشة رضي الله عنها هذا الإسرار بالفتنة دليل واضح على أن هذه المسارة كانت حول الفتنة التي قتل فيها.
فإنها رضي الله عنها كانت تسمع بعضاً منها، وفي ذلك تقول: فلم أحفظ من قوله إلا أنه قال: "وإن سألوك أن تنخلع من قميص قمصك الله عز وجل فلا تفعل"[2].
وهذا دليل على أن الإسرار تضمن توجيهات منه صلى الله عليه وسلم، إلى عثمان ليقف الموقف الصحيح عند عرض الخلع عليه.
وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتصر فيه على الإخبار بوقوع الفتنة، فقد أخبر بذلك علانية - كما تقدم - فإسراره يدل على أن هذا الإسرار، تضمن أشياء أخرى زيادة على الإخبار عن وقوعها، ورغب عليه الصلاة والسلام بالمحافظة على سريتها لحكمة اقتضت ذلك الله أعلم بها.
وهذا الحديث يفسر لنا جلياً سبب إصرار عثمان على رفض القتال [1] فقد قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "تنحي"، ومعنى التنحي الانصراف. الفيروز آبادي، القاموس المحيط (4/ 396) ، وابن منظور، لسان العرب (15/ 311) . [2] انظر الملحق الرواية رقم: [11] .