اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 98
وكتب تقليده الشريف، وقرىء في السابع عشر من الشهر وهو: الحمد لله منمى الغروس، ومبهج النفوس، ومزين سماء المملكة بأحسن الأهلة وأضواء البدور، وأشرق الشموس الذي شد أزر الإسلام بملوك يتعاقبون مصالح الأنام، ويتناوبون تدبيرهم كتناوب العينين واليدين في مهمات الأجساد وملمات الأجسام.
نحمده على نعمه التي أيقظت جفن الشكر المتغافى، وأوردت منهل الفضل الصافى، وخوَّلت الآلاء حتى تمسَّكت الآمال منها بالوعد الوفى، وأخذت بالوزن الوافى.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة عبدكثر الله عدده وعدده، وأحمد أمسه ويومه، ويحمدُ إن شاء الله غده، ونصلى على سيد محمد الذي أطلع الله به نجم الهدى، وألبس المشركين به أردية الردى، وأوضح به مناهج الدين، وكانت) طرائق قددا (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه صلاة دائمة لا تنقضى أبدا.
وبعد فإنا لما ألهمنا الله من مصالح الأمم، وخولناه من الحرص على مهمات العباد التي قطع به شأفة الكفر وحسم، وأتى بنا الشرك قد علم كل أحد اشتعال ناره، فكان علما بنارٍ مضرمة، لا ناراً على علم، وقدره من دفع الكفر من جميع الجوانب، وقمعهم من كل جهة حتى رميناهم بالحتف الواصل والعذاب الواصب، فأصبح الشرك من الإبادة في شرك، والإسلام لا يخاف من فتكٍ ولا يخاف من درك، وثغور الإسلام عالية المبتنى نامية المقتنى، جانية ثمار الادخار من هنا ومن هنا، تزاحم بروجها في السماء البروج، ويشاهد الأعداء منها سماء بنيت وزينت ومالها من فروج، وعساكر الملة المحمدية في كل طرف أطراف الممالك تجول، وفي كل وادتهيم حين تشعر بالنصر ولكنها تفعل ماتقول، قد دوخت البلاد فقتلت الأهداء تارة بالإلمام وتارة بالأوهام، وسلت سيوفها فراعتهم يقظة بالقراع ونوما بالأحلام، نرى أنا قد لذ لنا هذا الأمر التذاذ المستطيب، وحسن لدينا موقعه فعكفناعليه عكوف المستجيد ولبيناه تلبية المستجيب، وشغلنا فيه جميع الأوقات والحواش، وتقسمت مباشرتهُ ومؤامرته في امتطاء الضمرّ الشوس، وإدراع محكم الدلاص التي كأنها ومضات برق أو شعاع شموس، وتجريد المرهفات التي قد حفت لحاظها الأجفان، وجرت فكا لمياه واضطرمت فكا لنيران، وتفويق السهام التي قد غدت قسيها من اتعابنا لها تئن، واعتقال السمهرية التي تقرع الأعداء سنها ندما كلما قرعت هي السن، إلى غير ذلك من كل غارة شعواء تسىء للكفار الصباح، وتصدُم كالجبال وتسيرُ كالرياح، ومنازلات كم استكبت من موجود، وكم استنجزت من نصر موعود، وكم مدينة اضحت لها مدنيةً ولكن أخرها الله إلى أجل معدود.
وكانت شجرتنا المباركة قد امتدّ منها فرعُ تفرسنا فيه الزيادة والنمو، وتوسمنا منه حسن الجناء المرجو، ورأينا أنه الهلال الذي أخذ في ترقى منازل السعود إلى الإبدار، وإنه سرنا الذي صادف مكان الاختيار له حسن الاختيار، أردنا أن نصبَه في منصبٍ أحلنا الله فسيح غرفه، ونشرفه بما خولنا الله من شرفه، وأن تكون يدنا ويده يقتطفان من ثمرة، وجيدنا وجيده متحليان بجوهره، وأنا نكون للسلطنة الشريفة السمع والبصر، واللمملكة المعظمة في التناوبُ بالاضاءة الشمس والقمر، وأن تصول الأمةُ منا ومنه نجدين، ويبطشون من أمرنا وأمره بيدين، وأن نربيه على حسن سياسة تحمد الأمة إن شاء الله عاقبتها عند الكبر، وتكون الأخلاق الملوكية منتشية معه ومنتشبة به من الصغر، ونجعل سعى الأمة حميداً، ونهبُ لهم منه سلطاناً نصيراً، وملكاً سعيداً، ونقوى به عضد الدين، ونريشُ جناح المملكة، وننجح مطالب الأمة بإيالتهٍ، وكيف لا ينجح مطلب يكون فيه بركة.
اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 98