اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 87
قلت: كلام ابن كثير بعيد، فإش يحتاج إلى هذه التأويلات البعيدة، ولا ضرورة إليها، فإن عيش الحمر الوحشية هذه المدة غير بعيد، وعدم وقوعها في الصيد غير بعيد، وأيضاً فإن المواسم التي يسمون بها آذان الحيوان بأسماء الملوك مقررة عندهم مكتوبة صحيحة حتى لا يقع الاشتباه، فكيف يلتبس بهرام شاه ببهرام جور؟ ومنها: أن القاضي شمس الدين بن خلكان نزل عن تدريس الركنية للشيخ شهاب الدين أبي شامة، وحضر عنده حتى درس وأخذ في أول مختصر المزنى.
ومنها: أن في عشية يوم الثلاثاء الثامن عشر من جمادى الآخرة من هذه السنة شنق قاضى المقس وهو الكمال خضر الكردى أحد أقارب قاضي سنجار بالقاهرة المحروسة، وذلك بأنه تعرض لإقامة دولة باجتماعه مع ماعة من الأكراد الشهروزية فقبض عليه، وعلق وفي رقبته تواقيع كان كتبها، وبنود من شعار الدولة التي كان رام إقامتها، وكان قبل ذلك قد صنع خاتماً وجعل تحت فصه ورقة، وذكر أنه وجده، وفيها أسماء جماعة من أولى الثروة بمال عندهم مودع، ورام استئصال أموالهم والتقريب بها إلى ولاة الأمر، فاطلع على محاله فأهين وصفع، فقيل فيه:
ما وفِق الكمال في أفعاله ... كلا ولا سدِد في أقوالِهِ
يقول من أبصره يصك تأ ... ديبا على ما كان من مجاله
قد كان مكتوباً على جبينه ... فقلت لا بل كان في قُذالِه
وقال أبو شامة: وسألت الحاكم شمس الدين أحمد بن محمد عن هذه القضية، فأخبرنى ان هذا الكمال خضر كان قد علق به حب التقدم عند الملوك بسبب أنه كان قد تقدم عند الملك المعز عز الدين أيبك التركمانى، ثم أبعد واتفق انه لما صنع الخاتم المذكور وحبس كان في الحبس شخص آخر يدعى أنه من ولد العباس وكانت الشهرزورية أرادت مبايعته بالخلافة وهيأوا أمره بغزة، فلما تبدد شملهم أخذ هذا وحبس، فاتفق خضر معه في الحبس على أنه يسعى له في ذلك الأمر ويكون هو وزيره، فاتفق موت العباسى، فلما خرج خضر سعى في إتمام الأمر لابنه، فتم ماتم.
قال: وكان في زمن الإمام الناصر أحمد قد ورد إلى إربل شخص يسمى الأمير الغريب، كان يدعى أنه ولد الناصر، ثم توفى سنة أربع عشرة وستمائة، فادّعى هذا الشخص أنه ابنه عند الشهرزورية، فقدموه، فحبس ومات، وخلف ولدا صغيرا، فسعى الكمال في المبايعة له، فجرى ما جرى وقد خاب من افترى.
وفيها:.
وفيها: حج بالناس. ذكر من توفى فيها من الأعيان
الحسن بن محمد بن أحمد بن نجا الصوفى، من أهل نصيبين.
ونشأ بأربل واشتغل بعلومٍ كثيرة من علوم الأوائل، وكان يشغل أهل الذمة وغيرهم، ونسب إلى الإنحلال وقلة الدين وترك الصلوات، وكان ذكيا مفرطا، وله شعر رائق، وكان ضريراً، وهذا الضرير شبيه بأبى العلاء المعرى الضرير في اموره.
ابن عبد السلام: الشيخ الإمام العالم العلامة عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام ابن أبي القاسم الحسن بن محمد بن المهذب أبو محمد السلمى الدمشقى الشافعى.
شيخ المذهب، ومفيد أهله، وصاحب المصنفات الحسان منها: التفسير، واختصار النهاية، والقواعد الكبرى والصغار، وكتاب الصلاة، والفوائد الموصلية، وغير ذلك.
ولد سنة سبع أو ثمان وسبعين وخمسمائة، وسمع كثيراً، واشتغل على الشيخ فخرالدين بن عساكر، وغيره، وبرع في المذهب، ودرَّس بعدة مدارس بدمشق، وولى خطابتها، ثم انتقل عنها إلى الديارالمصرية بسبب إنكاره على الصالح إسماعيل تسليمه صفد والشقيف إلى الفرنج وغير ذلك، ووافقه الشيخ أبو عمرو بن الحاجب المالكى، فأرجهما من بلده، فسار أبو عمرو بن الحاجب إلى الناصر داود صاحب الكرك، فأكرمه، وسار عز الدين إلى الملك الصالح نجم الدين أيوب صاحب مصر، فأكرمه وولاه قضاء مصر وخطابة الجامع العتيق، ثم انتزعهما منه وأقره على تدريس الصالحية، فلما حضره الموت أوصى بها للقاضى تاج الدين بن بنت الأعز.
وكان وفاته في العاشر من جمادى الأولى من هذه السنة، وقد نيف على الثمانين، ودفن من الغد بسفح جبل المقطم، وحضر جنازته الملك الظاهر وخلق من الأئمة.
اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 87