responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين    الجزء : 1  صفحة : 68
فإزداد غيظ الأمراء على الملك السعيد بسبب ذلك، واجتمعوا وقبضوا عليه، ونهبوا وطاقه، وكان ردىء السيرة، وقد أبغضته العسكر، وكان قد برَّز إلى باب اللالا المعروف بباب الله، ولما استولوا على خزائنه لم يجدوا فيها مالاً طائلاً، فهددوه بالعذاب ليقر لهم، فنبش من تحت أشجار حائر دار بباب اللالا جملةً من المال قيل: كانت خمسين الف دينار من الذهب المصرى ففرقت في الأمراء، وحمل الملك السعيد المذكور إلى الشغر وبكاش معتقلا فيها، ثم لما اندفع العسكر بين يدى التتار كما سنذكره، أفرجوا عنه.
ولما جرى ذلك اتفقت العزيزية والناصرية وقدموا عليهم الأمير حسام الدين الجوكندار العزيزى، ثم سارت التتار إلى حلب، فإندفع حسام الدين الجوكمندار والعسكر الذين معه بين أيديهم إلى جهة حماة، ووصلت التتار إلى حلب في أواخر هذه السنة، وملكوها، وأخرجوا أهلها إلى قرنبيه واسمها مقرُّ الأنبياء، ولما اجتمع المسلمون هناك بذلوا فيهم السيف، فأفنوا غالبهم، وسلم القليل منهم، ووصل حسام الدين الجوكندار ومن معه إلى حماة، فضيفهم الملك المنصور محمد صاحب حماة، وهو مستشعر منهم، خائف من غدرهم، ثم رحلوا عن حماة إلى حمص، ولما قارب التتار حماة خرج منها صاحبها الملك المنصور وصحبته أخوه الملك الأفضل على والأمير مبارز الدين، وباقى العسكر، واجتمعوا بحمص مع باقى العسكر إلى أن خرجت هذه السنة.
وفي يوم الجمعة خامس المحرم من السنة الآتية وهى سنة تسع وخمسين وستمائة كانت كسرة التتار على حمص، وكانت التتار ساروا إليهم، فاجتمعت العساكر الحلبية والحماوية والحمصية مع صاحب حمص الملك الأشرف، واتفقوا على ملاقاة التتار، فالتقوا بظاهر حمص في نهار الجمعة المذكور، وكان التتار أكثر من المسلمين بكثير، ففتح الله عز وجل على المسلمين بالنصر، وولت التتار منهزمين، وتبعهم المسلمون يقتلون ويأسرون منهم كيف شاءُوا، ووصل الملك المنصور إلى حماة بعد هذه الوقعة، وانضم من سلم من التتار إلى باقى جماعتهم، وكانوا نازلين قرب سلمية، واجتمعوا ونزلوا على حماة، وبها صاحبها الملك المنصور، وأخوه الملك الأفضل والعساكر، وأقام التتار على حماة يوما واحداً، ثم رحلوا عن حماة إلى أفامية، ثم رحلوا عنها إلى الشرق.
وقال ابن كثير: وكانت كسرة التتار على حمص قريباً من قبر خالد بن الوليد رضى الله عنه، وكانت أعظم من كسرة عين جالوت بكثير لكثرة التتار وقلة المسلمين، وكانت التتار في ستة آلاف والمسلمون الف وأربعمائة.
وحكى الأمير نور الدين القيمرى قال: كنت في القلعة فرأيتُ بعينىَّ طيورا بيضاء قد أقبلت، وجعلت تضرب وجوه التتار بأجنحتها.
ثم بعد إنكسارهم ذهبوا إلى حماة، وبها صاحبها الملك المنصور، فأقاموا عليها يوماً واحداً، ثم رحلوا عنها إلى افامية، وكان قد وصل اليها سيف الدين الديبلى الأشرفى ومعه جماعة، فأقام بقلعة أفامية، وبقى يُغير على التتار، فرحلوا عنها ونزلوا على حلب وأحاطوا بها وضربوا رقاب جماعة، ولم يتركوا أحدا يخرج عنها ونزلوا على حلب وأحاطوا بها وضربوا رقاب جماعة، ولم يتركوا أحدا يخرج منها ولا يدخل إليها، فأقاموا كذلك أربعة أشهر حتى غلت السعار بحلب، وأكلت الناس الميتات والجلود والبغال والحمير، وبلغ الرطل من اللحم إلى سبعين درهماً، والرطل اللبن إلى خمسة عشر درهماً، والرطل السكر إلى مائة درهم، والرطل من عسل النحل إلى خمسين درهما، والرطل من الشراب إلى سبعين درهما، وأبيع الجدى بمائة درهم، والدجاجة بعشرة دراهم، والبيضة بدرهم ونصف، والبصلة بنصف درهم، وحزمة البقل بنصف درهم وبدرهم، والتفاحة بخمسة دراهم.
وحكى بدر الدين الصرخدى التاجر قال: كانت عندة أربع بقرات، فكنت أحلب منها كل يوم كفايتى وأبيع الباقى بمائة وأربعين درهماً، وأعطيتُ فيها ستة آلاف درهم فأبيت، وبعت خمسة تفاحات وثلاث خراف بتسعمائة درهم، والذى اشتراها منى استفاد فيهم مائتي درهم.
وبعد أربعة أشهر توجه التتار من حلب إلى الشرق.
ذكر بقية الحوادث في هذه السنة
منها: أن السلطان الملك الظاهر بيبرس كتب للناس مسموحاً بما كان الملك المظفر قطز قد قرره عليهم وهو ستمائة ألف دينار في كل سنة تجىء من الناس بغير سبب.

اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين    الجزء : 1  صفحة : 68
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست