اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 62
بالشام بددهم وفرق شملهم ... ولكل شيء آفة من جنسه
دار كاس المنون لما مزجنا ... عين جالوت بالدما للسقاة
يا لها جمعة غدا الكفر فيها ... مسجدا للسيوف لا للصلاة
وقال شهاب الدين أبو شامة:
غلب التتار على البلاد فجاءهم ... فيه ولى جيش الطغاة البغاة
دار كاس المنون لما مزجنا ... عين جالوت بالدما للسقاة
ثم أعطى الملك المظفر قطز دستوراً للملك المنصور صاحب حماة، فقدم الملك المنصور وأخوه الملك الأفصل ووصلا إلى حماة، ولما استقر الملك المنصور بحماة قبض على جماعة كانوا مع التتار فاعتقلهم.
وهنأ الشيخ شرف الدين شيخ الشيوخ الملك المنصور بهذا النصر العظيم وبعود المعرة بقصيدة منها قوله:
رعت العدى فضمنت تل عروشها ... ولقيتها فأخذت تل جيوشها
نازلت أملاك التتار فأنزلت ... عن فحلها قسراً وعن اكديشها
فغدا لسيفك في رقاب كماتها ... حصدُ المناجل في يبيس حشيشها
فقْتَ الملوك ببذل ما تحويه إذ ... ختمت خزائنها على منقوشها
ومنها:
وطويت عن مصر فسيح مراحل ... ما بين بركتها وبين عريشها
حتى حفظت على العباد بلادها ... من رومها الأقصى إلى أحبوشها
فرشت حماة لوطىء نعلك خدَّها ... فوطيتُ عين الشمس من مفروشها
وضربت سكتها التي أخلصتها ... عما يشوب النقد من مغشوشها
وكذا المعرة إذ ملكت قيادها ... دهشت سروراً سار في مدهوشها
لا زالت تنعش بالنوال فقيرها ... وتنال أقصى الأجر من منعوشها
طربت برجعتها إليك كأنما ... سكرت بخمرة جاشها أوجَيشها
ذكر أحكام الملك المظفر في دمشق
ولما استقر ركابه الشريف في دمشق، جهَّز عسكراً إلى حلب لحفظها، ورتب علاء الدين بن صاحب الموصل نائب السلطنة بحلب، ورتَّب بدمشق الأمير علم الدين سنجر الحلبي الصالحي نائباً، وأمر لنجم الدين أبي الهيجاء بن خشتر بن الكردى أن يقيم بدمشق مع النائب، وأقر الملك المنصور ناصر الدين محمد صاحب حماة بها على حاله، كما ذكرنا، وحضر إليه الملك الأشرف صاحب حمص، فأقبل عليه وأقره بما بيده ولم يؤاخذه، ورتب شمس الدين أقوش، البرلى العزيزى أميراً بالسواحل وغزة، ورتب معه جماعة من العزيزية، وكان شمس الدين أقوش المذكور من مماليك العزيز محمد صاحب حلب، وكان مع الملك النصار، ولما هرب الناصر من قطيه، على ما ذكرنا، سار شمس الدين أقوش المذكور مع العساكر إلى مصر، فأحسن إليه الملك المظفر وولاه الآن السواحل وغزة.
وقال ابن كثير: كان علم الدين سنجر الحلبى المذكور أتابكا لعلى بن المعز أيبك، وابن صاحب الموصل هو الملك السعيد بن بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل، وكان قد وصل إلى الملك الناصر يوسف صاحب الشام، ودخل مع العسكر إلى مصر، وصار مع المظفر قطز، ففوض إليه نيابة السلطنة بحلب، وكان سببه أن أخاه الملك الصالح إسماعيل بن لؤلؤ كان تولى المصول بعد أبيه، فولاه حلب ليكاتبه أخوه بأخبار التتار، ولما استقر في نيابة حلب سار سيرة ردية، وكان دأبه التحيل على أخذ مال الرعية.
ونظر المظفر في أحوال البلاد، وحسم مواد الفساد، وجدد الإقطاعات بمناشيره. ذكر ما فعل أهل دمشق عند ورود البشارة
بكسر التتار على عين جالوت على يد السلطان الملك المظفر رحمه الله
قال أبو شامة: جاءنا كتاب قطز من طبرية بتاريخ الأحد السابع والعشرين من رمضان من هذه السنة، وهو أول كتاب ورد منه إلى أهل دمشق يخبرهم بهذه الكسرة الميمونة وبوصوله إليهم بعدها.
قال: ومن العجائب أن التتار كسروا وهلكوا بأبناء جنسهم من الترك، وقلت في ذلك:
غلب التتار على البلاد فجاءهم ... من مصر تركى يجود بنفسه
بالشام أهلكهم وبدد شملهم ... ولكل شىء آفة من جنسه
اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 62