اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 495
قال بيبرس في تاريخه: وفي هذه السنة سار أبو ثابت عامر بن عبد الله ابن أبي يعقوب المريني لمحاربة يوسف بن أبي عياد متحفظ قلعة مراكش لخروجه عن الطاعة، فخرج يوسف لمحاربته والتقيا على مراكش، فكانت الهزيمة على ابن أبي عياد، فأُخذ أسيراً، وقُتل من جماعته تقدير ألف نفر، وعاد أبو ثابت إلى طنجة ظافراً، وكان بها أقدام من عرب رباح وغيرهم قد نافقوا عليه فقتلهم، وقتل منهم خلقاً، ثم أقام بطنجة فمرض ومات، وكانت مدته سنة وثلاثة أشهر وأياماً.
وجلس بعده علي بن يوسف بن يعقوب، عمه، وذلك أنه كان مع العسكر لما مات ابن أخيه، فاستقر في الأمر وظن أنه يتم له فوثب عليه شخص اسمه عبد الله بن أبي مدين، كان وزير الدولة فخلعه لليوم الثاني من جلوسه، ووافقه العسكر على ذلك.
ولما خلع على المذكور اتفق عبد الله الوزير مع الأشياخ ونصبوا سليمان ابن عبد الله وبايعوه، فاستمال الناس إليه، وأخرج الأموال المدخورة وفضها فيهم، وفرقها عليهم، وزاد في أعطيات بني مرين، وأحسن إليهم، وأبطل المكوس، ووضع المظالم، وأحسن إلى الرعية، فمالت إليه النفوس، وقبض على المخلوع، واعتقله بطنجة، واستوزر عبد الله المذكور وأقام ثنتين من بني مرين لجباية الأموال، أحدهما يسمى رجو بن يعقوب، والآخر إبراهيم ابن عيسى.
وقال بيبرس أيضاً وفيها: خرج الشيخ أبو إدريس بن إبراهيم بن عيسى المريني ابن عم أبي يعقوب من المغرب قاصداً الحج، فاتفق وصوله إلى تونس في أواخر هذه السنة، فسأله صاحب تونس أن يتوجه إلى جزيرة جربة مقدماً على جيش جهزه إليها، فأجابه وأخر حجه وتوجه.
ذكر بقية الحوادث
منها: أنه جُرد الأمير شرف الدين أمير أحمد بن قُصرا التركمان، والأمير بدر الدين بيليك المُحسني إلى برقة لتمهيد العربان الثائرين بذلك الوجه، فساروا في شعبان وأوقعوا بأهل العصيان، واستاقوا إبلهم وعادوا.
ومنها ما قاله بيبرس في تاريخه وفيها: مدّا النيل مداً أروى البلاد وشمل الربى والوهاد، وكان قد قصّر منذ سنوات عن المعتاد، وتضرر بتقصيره أهل السواد، فلطف الله تعالى في عامه وأجراه بإنعامه، فانتهت زيادته إلى تسعة عشر ذراعاً إلا ثلاثة أصابع، وكانت بركته كثيرة، وبلغ غاية ما بلغته الآمال العزيزة، وزُرعت البلاد زرعاً شاملاً، وخُضّرت تخضيراً كاملاً، وأقبل الزرع إقبالاً أعجب الزراع، فاهتزوا طرباً، وتاهوا به عُجباً وعَجباً، فلما كان في أواسط نيسان الموافق لشهر شوال من السنة العربية وبرمهات من السنة القبطية، وهو وقت كمال الغلة وختامها، وحين نهايتها وتمامها، أرسل الله تعالى عليها ريحاً زعزعاً، فخفقت من الحّب ما كان مُمرعاً، فهاف أكثر الزروع وجف معظم الضروع، حتى ترك أكثرها في الأرض بغير حصاد، وغالب الناس لم يسترد ما بذر، وأكثرهم من خسر وانكسر، ولم يتحصل للأمراء وأصحاب الإقطاعات إلا النذر اليسير من الغلات، واحتبسوا بأكثرها بالمسامحات تخفيفاً عن الفلاحين ورغبة في العمارة والتوطين، فكان ذلك كما قال عز من قائل في محكم تنزيله: " إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض ". إلى قوله " لقوم يتفكرون ". وتميزت أسعار الغلال حتى انتهى القمح إلى خمسين درهماً الأردب، ثم انحط يسيراً بعد يسير بلطف المسهل كل عسير.
وفيها: حج بالناس الأمير طغريل السلحدار الإيغاني، أميراً على الركب المصري، وبالركب الشامي الأمير سيف الدين بلبان البدري. ذكر من توفي فيها من الأعيان
الشيخ صالح الأحمدي الرفاعي، شيخ المنيبع.
وكان التتار يكرمونه لما قدموا دمشق ولما جاء قطلوشاه نائب ملك التتار نزل عنده، وهو الذي قال لإبن تيمية حين تناظروا بالقصر: نحن ما يتفق حالنا إلا عند التتار وأما قدام الشرع فلا.
الشيخ الصالح أبو حقص عمر بن يعقوب بن أحمد السعودي، توفي يوم الأربعاء ثاني جمادى الآخر منها.
الشيخ فخر الدين عثمان بن جوشن السعودي، توفي فيها، وجلس أحد أولاده مكانه.
الصدر الرئيس أمين الدين يوسف بن محمد بن رجب الرومي المحتسب بدمشق.
مات فيها، ودفن بتربته جوار الصوفية، وكان مشكور في حسبته. أقام متوليها سنين، وعزل قبل موته بنصف سنة، ومات وهو ناظر المارستان النوري، وكان موصوفاً بالأمانة والكفاية في جميع أموره.
اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 495