اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 402
وأشار أن يخرجوه إلى ظاهر المدرسة إلى أن وقف مقابل الشباك وهو يصيح ويعلن بالشهادة ويقرأ القرآن، والتفت الحاجب وناصر الدين للقاضي زين الدين وقالا: يا سيدنا إش ثبت عندك في هذا الرجل؟ قال: ثبت عندي كفره ووجب قتله، فنهض السروجي وقال: إضربوا رقبة الكافر ودمه في عنقي، فأشار في ذلك لعلاء الدين آقبرص بعض مقدمي الحلقة أن يضرب رقبته، وكان قوي اليد، ماضي السيف، فضربه ثلاث ضربات وأراد بذلك تعذيبه، ثم علق جسده على باب زويلة وطيف برأسه المدينة، وكان قد تكهل.
وقال ابن دانيال فيه لما ضربت عنقه:
لا تلم البق في فعله ... إن زاغ تضليلاً عن الحق
لو هذب الناموس أخلاقه ... ما كان منسوباً إلى البق
وقال فيه لما سجن ليقتل:
يظن فتى البققي إنه ... سيخلص من قبضة المالكي
نعم سوف يسلمه المالكي ... قريباً ولكن إلى مالك
ولفتح المذكور شعر، فمنه قوله:
جبلت على حبي لها وألفته ... ولا بد أن ألقى به الله معلنا
ولم يخل قلبي من هواها بقدر ما ... أقول وقلبي خالياً فتمكنا
وله أيضاً:
أين المراتب في الدنيا ورفعتها ... من الذي جاز علماً ليس عندهم
لا شك أن لنا قدراً رأوه ... وما لمثلهم عندنا قدر ولا لهم
هم الوحوش ونحن الأنس ... حكمتنا تقودهم حيث ما شئنا وتعم
وليس شيء سوى الإهمال ... يقطعنا عنهم لأنهم وجدانهم عدم
لنا المرتجان من علم ومن عدم ... وفيهم المتعبان الجهل والحشم
قلت: عارض بهذه الأبيات الأبيات التي للقاضي تقي الدين بن دقيق العيد وهي:
أهل المراتب في الدنيا ورفعتها ... أهل الفضائل مرذولون بينهم
فما لهم في توقي صبرنا نظر ... ولا لهم في ترقي قدرنا همم
قد أنزلونا لأنا غير جنسهم ... منازل الوحش من الإهمال عندهم
فليتنا لو قدرنا أن نعرفهم ... مقدارهم عندنا أو لو دروه هم
لهم مرتجان من جهل وفرط غنى ... وعندنا المتعبان العلم والعدم
وله:
لحى الله الحشيش وآكليها ... لقد خبثت كما طاب السلاف
كما تصبي كذا تضني وتشقي ... كما تشقي وغايتها انحراف
وأصفر دائها والداء جم ... بغاء أو جنون أو نشاف
ذكر غزوة سيس
وفيها كتب نائب حلب إلى السلطان والأمراء بأن تكفور صاحب سيس منع الحمل وتجاهر بالعصيان وادعى أن البلاد لقازان وأنه يحمل الحمل، فاقتضى رأيهم تجريد الأمير بدر الدين أمير سلاح والأمير عز الدين أيبك الخزندار بمضافيهما أن يدخلوا بلاد سيس ومعهما نائب حلب وحماة وحمص ويخربوها وينزعوا زرعها، وأن لا يوغلوا في عتورهم إلا إذا وجدوا فرصة، وألا يكونون في أطراف البلاد.
وقال ابن كثير: وكان رحيلهم في شهر رمضان، وفي ذي القعدة ضربت البشائر بقلعة دمشق أياماً بسبب فتح أماكن من بلاد سيس عنوة، وفي الحادي والعشرين من ذي الحجة قدم الجيش إلى دمشق، فخرج نائب السلطنة والجيش إلى تلقيهم.
ذكر الجزيرة التي سكنها الفرنج مقابل طرابلس
وفيها: كتب الأمير سيف الدين أسندمر نائب طرابلس إلى السلطان بأن الإفرنج قد أنشأوا جزيرة مقابل طرابلس، واتخذوها لهم حصناً ونقلوا إليها عدداً ورجالاً، وتزايد أمرهم إلى أن صاروا يركبون البحر ويتجرمون فيه ويأخذون المراكب، وأضر ذلك بحال أهل الساحل، وأنه قصد على تجريد عسكر في مراكب تأتي إليهم مع جند طرابلس، ولعل الله أن يظفر المسلمون بها، وأخذ من فيها من الإفرنج قبل أن يشتد أمرها ويقوى حال العدو فيها، وهم يريدون أن يعمروا فيها قلعة، فإذا بنوها يصعب على المسلمين أمرها، فلما وقف السلطان على الكتاب أمر للوزير بالإهتمام في تعمير شواني، وفي المحرم من السنة الآتية: جهزت الشواني وتكملت.
اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 402