اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 391
ومن الحوادث فيها أن جزيرة جربة كانت قد خرجت عن أيدي المسلمين، كما ذكرناه في سنة ثمانين وستمائة، وأقامت بيد المزاليا نائب الإفرنسي بصقلية يجبى إليه خراجها كل عام، فهلك في هذه السنة، أعني سنة سبعمائة، فاغتنم أهلها الفرصة بهلاكه فأرسلوا إلى صاحب تونس يعلمونه بذلك ويستنجدونه، فجهز إليهم ابن عمه أبا زكريا يحيى وجهز معه تقدير عشرين قطعة من المراكب، وثلاثة آلاف فارس، وعشرة آلاف راجل، فتوجه إليها ونزل عليها، وبلغ ذلك ولد المزاليا صاحب صقلية، فتجهز في طواعيته، وجاءهم بجماعته، فلما أقبلت شوانية خرجت شواني تونس عنها، وأقلعت منها، وعاد أبو زكريا اللحياني ولم ينل مراماً ولا شفى أواما، فدخلها ابن المزاليا وتملكها وأمن أهلها، وأقام بها إلى سنة ست وسبعمائة، والله وأعلم.
وفيها: كان وفاء النيل المبارك على سبعة عشر ذراعاً وخمسة عشر إصبع، وكانت السنة من السنين المقبلة على الناس من كثرة الغلال ورخص الأسعار.
وفيها: حج بالناس الأمير سيف الدين بكتمر أمير جندار، وصنع لفقراء الحرمين معروفاً، وفرق من الأموال ألوفاً، قيل: إنه قد فرق من ماله خمسة وثمانين ألف دينار مصرية.
وقال صاحب أن الأمير بكتمر هذا جهز سبعة مراكب قمحاً وشعيراً ودقيقاً وسكراً، وزيتاً وحلواء وقاووتاً سوى ما حمله معه على الجمال، وعند وصوله إلى ينبع قد وجد ثلاث مراكب قد وصلت قبله بيومين، فأخرج جميع ما فيها وجعل كل صنف من الأصناف المذكورة كوماً بمفرده، وأمر منادياً ينادي في الركب أن أي من كان محتاجاً إلى مؤنة أو حلواء أو شيئاً من ذلك، فليحضر إلى خيمة الأمير، فحضرت الناس وفرق عليهم، ثم فرق على الأمراء والجند من الحجاج وعلى أرباب البيوت كذلك، وما فضل من ذلك فرق على أهل ينبع، وعند الرحيل بقيت بقايا من الدقيق والشعير.
ولم يحج أحد في هذه السنة من الشام، والذي حج راح إلى غزة ولحق بالمصريين عند عقبة أيلا. ذكر من توفي فيها من الأعيان
الشيخ الصالح حسن الكردي المقيم بالشاغور في بستان يأكل من غلته، ويطعم من ورد عليه، وكان يزار، وكانت له كرامات وأحوال، ولما احتضر اغتسل وأخذ من شعره، واستقبل القبلة وركع ركعات، ثم توفي يوم الإثنين الرابع من جمادى الأولى منها وقد جاوز المائة، وصلى عليه بجامع جراح، ودفن بمقابر باب الصغير.
الشيخ يعقوب بن محمد بن حسن الزرزاري الكردي العدوي، توفي في هذه السنة.
الشيخ الإمام العالم العلامة محمود بن أبى بكر بن أبي العلاء الكلاباذي البخاري الفرضي، الملقب شمس الدين، أحد السادات الحنفية.
له المصنفات الفائقة في الفرائض وغيرها، وكان محدثاً متقناً فاضلاً، حسن الأخلاق، سمع ببخاري وقدم بغداد، فأقام بها يسمع وصنف وكتب، ثم رحل إلى دمشق والقاهرة وسمع بها من أصحاب ابن طبرزد والكندي، وحدث. قال الذهبي: هو رأس في الفرائض، عارفاً بالحديث والرجال، جم الفضائل، مليح الكتابة، واسع الرحلة، سود كتاباً كبيراً في مشتبه النسب ونقلت منه كثيراً، وسمع منه الحافظ المزي وابن سيد الناس وغيرهما، ومولده ببخارى في مستهل جمادى الأولى سنة تسع وأربعين وستمائة.
وفي تاريخ ابن كثير: توفي بدمشق في العشر الأول من ربيع الأول سنة سبعمائة. وذكر غيره: أنه مات بماردين.
الشيخ الصالح المسند عز الدين أحمد بن عبد الحميد بن عبد الهادي بن يوسف بن قدامة المقدمي.
كان شيخا مباركاً كثير الصلاة والذكر، حسن الخلق، متودداً إلى الناس، سمع جماعة، وحدث بجميع مسموعاته، مات في هذه السنة بجبل الصالحية، ودفن بتربة الشيخ موفق الدين بقاسيون.
الشيخ عماد الدين القصاص، الفقيه الأحمدي المزمزم.
مات فيها بزاويته بميدان الحمصي، ودفن بمقابر الصغير، وكان فقيراً حسناً، مليح الشيبة، معروفاً ومشهوراً.
الشيخ الصالح أبو عبد الله محمد بن أبي بكر عبد الرحمن بن عبد الله الكنجي.
جاور بجامع بني أمية بدمشق أكثر من ستين سنة، وسمع من الزين خالد، والحرستاني، وابن عبد الدايم، وابن البرهان، وكان من الصلحاء الأخبار، كثير الذكر والعبادة، مات في هذه السنة، وكان قد بلغ تسعين سنة، ودفن بمقابر باب الصغير.
الشيخ يوسف بن أحمد بن أبي بكر الغسولي الصالحي الحجار.
اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 391