اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 367
وقد أنعمنا عليه بالسيف، والسنجق الشريف، والكؤوس، والبائزة الذهب برأس السبع، ورسمنا له بألف فارس من المغل يركبون لركوبه وينزلون لنزوله، وليكونوا تحت حكمه رفعةً لقدره، وتنويهاً باسمه، وسبيل الأمراء والمقدمين وأمراء العربان والتركمان والأكراد والدواوين والصدور والأعيان والجمهور بأن يتحققوا أنه نائبنا في السلطنة الشريفة، فإن له هذه المنزلة المنيعة، وليطيعوه طاعة تزلفهم لديه وتقربهم إليه، ويحصل لهم بها رضاه عنهم وإقباله عليهم وقربهم منه، وليلزموا عنده الأدب في الخدمة كما يجب، وليكونوا معه في الطاعة والموافقة على ما يحبّ.
وعلى ملك الأمراء سيف الدين بتقوى الله في أحكامه، وخشيته في نقضه وإبرامه وتعظيم الشرع وحكامه، وتنفيذ قضية كل قاض على قول إمامه وليعتمد الجلوس للإنصاف والعدل، وأخذ حق المشروف من الأشراف، وليقم الحدود والقصاص على كل من وجبت عليه، وليكف الكفّ العادية عن كل من يتعدى إليه، وقد تقدم من الأمر بالآثار الجميلة في الشام المحروس ما تشوقت إليه الأعين وتاقت إليه النفوس، وقد رده الله سبحانه إليهم ردّاً جميلاً، فليكن بمصالح الدولة ومصالح الرعية كفيلاً، والله تعالى يجعل له إلى الخير سبيلاً ويوضح له إلى مراضى الله ومراضينا دليلاً، بمنّه ولطفه.
الرابع من الفرامين: فرمان الأمير سيف الدين بكتمر السلحدار.
بقوة الله وميامين الملة المحمدية، فرمان السلطان محمود غازان: الحمد لله الذي أيدنا بالنصر العزيز والفتح المبين، وأمدنا بملائكته المقربين، وجعلنا من جنده الغالبين، نجدة على الهداية إلى سبيل المهتدين، والإرشاد إلى إحياء الدين، حمداً يوجب المزيد من فضله كما وعد الحامدين، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة تنظمنا في سلك المخلصين، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله خاتم النبيين، أما بعد: فإن الله تعالى لما ملكنا البلاد وفوض إلينا النظر في أمور العباد، وجب علينا أن ننظر في مصالحهم، وأن نهتم بنصائحهم، وأن نقيم عليهم نائباً يتخلق بأخلاقنا في كرم السجايا، ويبلغنا الأغراض في مصالح الرعايا، فأعملنا الفكر فيمن نقلده الأمور، وأمعنا النظر فيمن نفوض إليه مصالح الجمهور، واخترنا لها من يحفظ نظامها المستقيم، ويقيم ما تأود من قوامها القويم، يقول فيسمع مقاله، ويفعل فتقتفى أفعاله، يكون أمره من أمرنا، وحكمه من حكمنا، وطاعته من طاعتنا، ومحبته هي الطريق إلى محبتنا، فرأينا أن الجناب العالي الأوحدي المؤيدي العضدي النصيري العالمي العادلي الذخري الكفيلي السيفي سيف الدين، ملك الأمراء في العالمين، ظهير الملوك والسلاطين بكتمر، هو المخصوص بهذه الصفات الجميلة، والمحتوي على هذه السمات الجليلة، وله حرمة المهاجرة على أبوابنا، ووسيلة الوصلة إلى ركابنا، فرعينا له هذه الحرمة، وقابلناها بهذه النعمة، ورأينا أنه لهذا المنصب حفيظ مكين، وخاطبنا لسان الاختيار " إن خير من استأجرت القويّ الأمين "، وعلمنا أنه يبلغ الغرض من صون الرعايا، ويقوم مقامنا بالعدل في القضايا، فلذلك رسمنا أن نفوض إليه نيابة السلطنة الشريفة بالممالك الحلبية، والحموية، وشيزر، وأنطاكية، وبغراس، وسائر الحصون، والأعمال الفراتية، وقلعة الروم، وبهنسي، وما أضيف إليها من الأعمال والثغور، نيابة تامة عامة، كاملة شاملة، يؤتمر فيها بأمره، ويزدجر فيها بزجره، ويطاع في أوامره ونواهيه، ولا يخرج أحد عن حكمه ولا يعصيه، له الأمر التام والنظر العام، وحسن التدبير وجميل التأثير، والإحسان الشامل إلى أهل البلاد، والإحسان الشامل إلى أهل البلاد، واستجلاب الولاء والوداد، وتأمين من يطلب الأمان، ويتلقى من يترامى إلى الطاعة والخدمة بالإمتنان، متفقاً في الإستخدام والتأمين مع ملك الأمراء والوزراء ناصر الدين، فإن اجتماع الآراء بركة.. إلى آخره مثل ما في آخر الفرمان الثالث.
ثم في آخر الكل: مؤرخ في ثالث عشر جمادى الآخرة سنة تسعة وتسعين وستمائة بمقام مرج.
ذكر قدوم السلطان مصر مع أمراء دولته
بعد الانهزام في الواقعة المذكورة:
اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 367