اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 35
ثم اتفق وصول خبر آخر سائقاً على البريد من عند بيجُوا من ناحية الروم يقول: إنا كنا عابرين إلى الروم، فلما وصلنا إلى مكان يسمى ماخان لقينا جيشهم صحبة أمير منهم يُسمى صارم كمنانوس، وقاتَلنا ومنعنا العبور، وقطع القنطرة التي نجوز عليها، فاستشاط منكوقان غضباً وأحضر طرنطاى وقال له: ألستم تقولون إنكم حضرتم من عند مخدومكم في طلب الصلحّ!! فلماذا يسير الجيش لقتال عساكرنا؟ فقال له: أنا لى مدة متطاولة منذ خرجت من عند مخدومى، ولم يرد علىَّ منه كتاب، ولا صدر إليه منى جواب، ولا يعلم هل نحن أحياء أم أمواتٌ، غير أننى إذا وصلت إليه باليُرليغ من عند القان دخل تحت طاعته، وحمل إليه ما تقرَّر من إتاوته، فتقدم الصاحب شمس الدين الطغرائى ورفقته وسألوا القان أن يعطى السلطنة للسلطان ركن الدين قليج أرسلان دون أخيه، وضمنوا عنه حمل الإثاوة وبذل الطاعة، فقال منكوقان: بل تكون المملكة مشتركة بينهما، والبلاد مقسومة لكل منهما، وقسم البلاد مناصفة، فصيَّر من نهر سيواس إلى حدٍ بلاد الأشكرى لعزّ الدين كيكاوس، ومن سيواس إلى تخوم أرزن الروم من الجهة الشرقية المتصلة ببلاد التتار لركن الدين قليج أرسلان أخيه، وعاد الصاحبُ شمس الدين وسيف الدين طرنطاى ورفقتهما من عنده، لم يصلوا إلى الروم حتى دخلها التتار وفعلوا فيها ما سنذكره إن شاء الله في سنة سبع وخمسين وستمائة، وأحضروا معهم جسد السلطان علاء الدين كيقباذ مصبرا، فدفنوه بارزنكان) رحمه الله (.
ذكر ما اشتملت عليه المملكة الروميّة من البلاد الإسلامية
بلاد خلاط وأعمالها: وتسمى الأرمينية الكبرى وكل من تملكها يسمى شاه أرمن، ومن مُدنها: خلاط وآن، وسطان، وأرجيش وما معها.
أرزن الروم وأعمالها، ومن مدنها: سَبْهر، وبايرت، وقجماز، وسمى دار الجلال مدينة التى وأعمالها، وهى متصلة ببلاد الكرج وتخومها، وهى ذات قلعة حصينة منيعة.
بلاد أرزنجان وأعمالها: ومن مدنها آقشهر، ودرجان وكماخْ، وقلعة كغونية وما مع ذلك.
ديار بكر وأعمالها: ومن مدنها المشهورة خِرتِ برتِ، وملطيَّة، وشميسات ومشار وغيرها.
سيواس وبلاد دانشمند: وتسمّى دارالعلاء، ومن مدنها نِكيسار، وأماسية، وتوقات، وقمينات.
وبلاد كنكر ومدينة أنكورية ومدينةَ سامْسُون وقلعة سِنوب وكستمونية وطرخلووبرلوُ، وهذه متصلة بسواحل البحر المحيط.
وقيسارية وأعمالها: ونكده، وعراقلية، وبلاد أرمناك وبها ابن منتشى. مدينة قونية وأعمالها.
وطنغرُلوا وأعمالها.
وقرا حصار ودمَرْ لو وأَقْصرا وأَنْطالِيُا والعلايا. ذكر دخول التتار بلاد الروم ثالث مرّة
وفي هذه السنة، دخل بيجو مع التتار إلى بلاد الروم ثالث مرة، وشنّ الغارات عليها، وسبى هو ومن معه من عساكر التتار وغنموا، فكانت هذه الغارة أعظم نكاية من الغارات المتقدّمة.
وحكى أن الباعث لبيجوُ عليها بيجار الرومى، وذلك أنه حصل يوماً في جملة الناس إلى دار السلطان علاء الدين كيقباذ وقت بسط الخوان، فقصد الدخول إلى السلطان مع الأعيان، فضربه أحد البردَدَاريَّة بعصاة على رأسه ليمنعه عن الدخول، فأرمى طرطوره عن رأسه، فأغضبه ذلك، وقال: أنتم رميتم طرطورى على هذا الباب، فلا بدّ أن أمرى عوضه رُؤوساً كثيرة وعدّة طراطير، وخرج من فوره وتوجَّه إلى بُيجو مخامراً، وأطعمه في بلاد الروم والإغارة عليها، وهذا بيجار لم يكن له بين العساكر الروميَّة ذكر ولا مريَّة، ولكن قال الشاعر:
لا تحرقنّ عدّوّاً رماك وإنْ ... كان في ساعديه قِصَرْ
فإن السيوف تحزُّ الرقاب ... وتعجز عما تنال الإِبر
فلما آل امرُ بلاد الروم إلى الفساد، عزم أولاد السلطان غياث الدين كيخسروا على توجه أحدهم إلى منكوقان ببذل الطاعة وإلتماس الأمان والفرَمان فتوَّجه السلطان علاء الدين كيقباذ بن كيخسرو من قونية قاصدا الأردُ وإلى منكوقان بن طولوخان بن جنكزخان، وقد ذكرنا قضيته مفصلةً عن قريب.
اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 35