responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين    الجزء : 1  صفحة : 342
ذكر وقعة الأويراتيه
والسبب لخروجهم عن الطاعة
قد ذكرنا أن أمراءهم وكبراءهم قتلوا في الدولة الحسامية لكونهم سببا في الركوب على الملك العادل كتبغا لميله إليهم لكونهم من جنسه، فالبقية منهم لما رأوا البرجية في السعادة الوافرة والسيادة العظيمة حسدوهم على ذلك، فسول لهم السلطان أن يكونوا عصبة واحدة ويكون الأمير قطلوبرس العادلي كبيرهم ورأسهم، وكان من أكابر مماليك السلطان العادل كتبغا، ولما اتفق لكتبغا ما ذكرنا كانوا أبقوه على إمرته لكونه من فرسان الخيل المعروفين، ولما اجتمعوا على ذلك عرفوه بما عزموا عليه وقالوا له: اجتمعنا ببرنطيه أحد المماليك السلطانية وخشداشه ألوص الذي كان من أكابر الأويراتية، وكان هؤلاء على جهل عظيم وكبر النفس، وكان اتفاقهم على أن يركبوا على بيبرس وسلار في موكبهما، فإذا حصل لهم مقصودهم يطلبون كتبغا ويعيدونه إلى السلطنة، ويأخذ أكابرهم إمريات أمراء البرجية.
وكان قطلوبرس رجلا عاقلا صاحب رأي وتدبير وتحقق أن أمر هؤلاء إذا ظهر كان سبب تلافه وهلاكه، ورآهم مصرين على عزمهم، وقد غلب عليهم الجهل والطمع، وما بقى له منهم مخلص، فلما رآهم على ذلك أوصاهم بكتمان أمرهم، وأن يستجلبوا من قدروا عليه من المماليك السلطانية ليكونوا عونا لهم على مقاصدهم، وتحدثوا مع جماعة منهم، ووقع الاتفاق على أن الأمراء إذا ترجلوا يوم الموكب وترجلت مماليكهم يهجم برنطيه على بيبرس ويضربه بالسيف، وآلوص على سلار، وأن الأويراتية إذا نظروا إلى سيف برنطيه وقد أشهره يجذبون سيوفهم ويضرب كل واحد منهم مخدومه، أو من يكون قريبا منه من الأمراء أي من كان.
وكانت العساكر السلطانية قد أقاموا على غزة أياما، ثم وصلوا إلى تل العجول وأقاموا هناك ينتظرون الأخبار كما ذكرنا، وكانوا قالوا لقطلوبرس أن يكون مجهزا بمن معه، فإذا رأى السيوف أشهرت ووقع الفعل نشر سنجقه وضرب طبلخاناته وعمل عمله.
ولما كان الموكب وترجلت الأمراء على العادة، وكان بيبرس يتقدم سلار احتراما له، تقدم برنطيه وهجم على بيبرس، وقد جذب سيفه وهمز فرسه إلى أن قاربه، وكانت الأمراء يحجبون بيبرس وما شعروا إلا وقد رأوا برنطيه بينهم وسيفه مشهور يريد ضرب بيبرس، وكان في الأمراء الماشين في خدمته أمير من البرجية يقال له سيف الدين طشتمر الجمقدار، وكان جمقدار الملك الأشرف، وكان له قوة وشجاعة وشكل حسن، ولما رأى برنطيه وقد هجم على بيبرس جذب هو أيضا سيفه وضرب برنطيه، ولكن وقعت الضربة على كفل فرسه، فالتفت إليه برنطيه وضربه فقطع كلوتاته وشاشه وجرح وجهه جرحاً بالغاً ثم تناولت السيوف برنطيه فقتل من وقته، ووقع الصياح في العسكر فركبوا عن بكرة أبيهم، وطلب بعض الأويراتية والمماليك الذين كانوا متفقين معهم نحو دهليز السلطان، وركبت الأمراء الذين كانوا ترجلوا، وركبت مماليكهم وساقوا خلف القاصدين الدهليز إلى أن أدركوهم داخل الدهليز، ومنهم من دخل وهجم على السلطان.
وركبت مماليك السلطان. وكذلك الأمير بكتمر الجواكندار، واعتقدوا أنهم قصدوا الهجوم على السلطان ليقتلوه، فركب ونشر العصائب السلطانية، ونشر سنجقه أيضا، واجتمعت إليه مماليك السلطان، وخرج السلطان من الدهليز، و ... ... وقصد الركوب بين مماليكه، فمنعه أمير الجندار وطيب خاطره، وقال له أمير جندار: ما عليك شيء، فكأن الأمراء وقع بينهم، أو جرى لأحد منهم شيء، فهذه الهجمة بسببه.
وخشيت الناس على أموالهم، فصار الأمير منهم يركب بعض مماليكه ويخلى البعض لحفظ خيمته ودوابه.
وكان يوما صعبا لم ير مثله، ولا أشد منه، ثم رجع بيبرس وسلار إلى مخيهما. ثم أمر الحجاب والنقباء أن يقولوا للمقدمين بأن يحضر كل مقدم بمضافيه، وكان كثير من المقدمين يأتون بمضافيهم إلى مخيم النيابة، ويرون سنجق السلطان منشورا فيرجعون إليه، وكانت الحجاب يردونهم، وأكثرهم لا يلتفتون إليهم، ويقولون: نحن إذا رأينا سنجق السلطان منشورا لا نلتفت إلى غيره.

اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين    الجزء : 1  صفحة : 342
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست