responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين    الجزء : 1  صفحة : 266
وذكر صاحب النزهة أيضا: أن أول ما اعتمده الأشرف حين ولى السلطنة أنه أطلق سائر من كان في السجون من المصادرين وأرباب الدواوين، ورسم برفع المظالم عن الناس، وأبطل الرماية على التجار، ورسم للوزير أن لا يتعرض لظلم أحد من الناس، وقال: وقد ذكرنا ما كان يعتمد الجند من الملابس العجيبة في الدولة الماضية، وأن السلطان المنصور أزال أكثرها عن الجند والأمراء؛ ثم لما تولى الأشرف اختار لمماليكه وخاصكيته الملابس الحسنة؛ وغير الكلوتات الصفر والجوخ، وأمر لسائر الأمراء أن يركبوا بين مماليكهم بالكلوتات الزركش والطرازات الزركش والكناش الزركش والأقبية الأطلس حتى يتميز الأمير بلبسه عن غيره، وكذلك في الملبوس الأبيض الرفيع، والسروج المرصعة الأشرفية والأكوار، وقضى مماليكه وحاشيته في دوله أستاذهم أيامهم بالهنا والسرور والخيرات فيما بينهم والهبات والتهادي، وكان السلطان شرط عليهم أن لا يبيت أحد منهم في غير القلعة، وفي النهار يفعل ما يختاره.
قال الراوي: وأما سماط الأشرف ومأكله فكان من أفخر الأطعمة وأحسنها وأكثرها.
قال: وقد خرجت مع والدي صحبة العسكر والسلطان لما خرجوا لقصد فتح قلعة الروم، وكان والدي مع جماعة من المقدمين منهم جمال الدين الطبردار، وركن الدين الكلالى، وبدر الدين الجاكى، وكانوا كل يوم يرسلون إلى مطبخ السلطان عشرين درهما فيأخذون بها أربع خوافق صينية ملآنة من الأطعمة المفتخرة بالقلوبات وغيرها، وفي كل خافقية أكثر من خمسة عشر رطلا من اللحم الهائل أو عشرة أطيار من الدجاج المسمن، وكذلك كثير من الجند والغلمان يشترون من مطابخ الأمراء من أنواع الأطعمة، وكانت الأجناد يتحدثون بكثرة الخيرات حتى أن الغلمان يأبون في غالب الأوقات أن يأكلوا من أطعمة أستاذيهم لما أنهم يقرفون من كثرة الأكل وكثرة الأطعمة.
قال: ورأيت في هذه السفرة أن أحدا من الأمراء لا يأكل من سماطه حتى يتفقد ما حوله من الغلمان والخدام والحاشية ومن المضافين إليه أو النازلين قريبا منه، فيرسل إليهم من الأكل والشرب والغنم والطيور والسكر والحلوى من الذهب والفضة كل أحد بقدر حاله، وكانوا يتفاخرون بذلك فيما بينهم.
وأما مكارم السلطان فلا يحد وصفها وقد أنعم على الأمير طقجى في يوم واحد بمائة ألف دينار، وأمثال ذلك وقعت منه كثيرا.
ذكر سلطنة بيدرا
ولما قتل السلطان على ما ذكرنا، اجتمعت الأمراء الذين قتلوه في الوطاق، وقرروا بينهم أن تكون السلطنة لبيدرا، وملكوه، ولقبوه الملك القاهر، وقيل: الملك الرحيم. ونص بيبرس في تاريخه أنهم لقبوه بالملك القاهر.
وذكر في نزهة الناظر: أن بيدرا ومن معه لما قتلوا الأشرف باتوا تلك الليلة وهم متحالفون على أن يكونوا يدا واحدة، ولما أصبحوا ركب بيدرا في دست السلطنة وحوله العسكر والأمراء والشاوشية، ولقب نفسه بالملك العادل، ثم اتفقوا على أن يبادروا نحو القلعة ليملكوها سرعة، فيتم له المنعة، فركبوا، وعند ركوبهم وجدوا الأمير سيف الدين بكتمر السلحدار أمير جندار، والأمير بدر الدين بيسرى، وكان قد بلغهما الخبر بأمر السلطان، فركبا لكشفه، فوجدوهما في الطريق فقبضوا عليهما وأخذوا سيوفهما وربطوهما وأركبوهما على البغلين، وأرادوا قتلهما مرارا، فشفع فيهما بعضهم فلم يقتلوهما.
وكان في الدهليز الأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكير، وسيف الدين برلغى، وحسام الدين الأستاذدار، والأمير بدر الدين بكتوت العلائي، والمماليك السلطانية الذين كانوا متوجهين صحبة السلطان للصيد، فركب الأمراء المذكورون على آثارهم، وكان الأمير زين الدين كتبغا في الصيد، فبلغه الخبر، فلحقهم، ولحق بهم المماليك الذين كان السلطان قد أعادهم إلى القلعة قبل وقت مقتله، فصاروا كتفا واحدا، وجدوا في أتباع بيدرا ومن معه من الأمراء، فلحقوهم على الطرانة يوم الخميس الخامس عشر من المحرم، فلما التقى الجمعان أطلق بيدرا الأميرين المذكورين بدر الدين بيسرى وبكتمر السلحدار، ليكونا عونا له.

اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين    الجزء : 1  صفحة : 266
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست