responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين    الجزء : 1  صفحة : 233
وكان سلامش من أحسن الشباب شكلا وأبهاهم منظرا، افتتن به خلق كثير من الناس، وشبب به الشعراء، وكان عاقلا رئيسا مهيبا وقورا، وكان له شعر طويل جدا يقال فيه وفيمن يشاكله في وقته بالحسن بعض الظرفاء من أهل زمانه:
وأربعة كل الأنام تحبهم ... من الخلق سكران الفؤاد ومنتشى
قوام ابن كيكلدى ووجه أبي بيسرى ... وثغر أبي بيبرس وشعر سلامش
الملك أرغون بن أبغا بن هلاون ملك التتار.
توفى في هذه السنة حتف أنفه على شاطئ نهر الكر من بلاد آران، في شهر ربيع الأول، وكانت مدة مملكته سبع سنين. وقيل: إنه مات مغتالاً بسم اغتاله به وزيره. وقيل: إنه كان يدين بدين النجيشيين وهم الطائفة المشهورة بعبادة الأصنام والسحر ويعظم طريقتهم خصوصا الطائفة المنتسبة منهم إلى براهمة الهند، وكان يجلس في السنة أربعين يوما في خلوة يتحنث بها ويجتنب أكل لحوم الحيوان، فوفد عليه من الهند شخص يزعم أنه يعلم علم الأديان ويطيب الأبدان، فأوحى إليه أن يتخذ له معجونا من داوم تداوله طالت حياته، فركبه له، فتناول منه، فأوجب له انحرافا وصرعا، وكانت فيه منيته، فقصر الله به عمره من حيث رام امتداده.
وخلف من الأولاد الذكور قازان وخربندا، وكانا بخراسان، فاتفق الخانات ومقدمو التمانات وكبراء الأمراء وأرباب الأمراء على إقامة كيخاتو أخيه، فأقاموه في المملكة ورتبوه في السلطنة، فلما استقر أمره ونفذ حكمه أساء السيرة، وخرج عن الياساق المقررة، وأفحش الفسق بنسوان المغل واللواط بأولادهم، فكان من أمره ما نذكره.
وقال النويري: ويقال إن أرغون بن أبغا قتله وزيره بالسم وهو سعد الدولة وذلك أنه وقع مع بعض الخواتين، فخشى أن يطلع عليه أرغون، فسقاه سما فقتل، فلما تحقق ذلك قتلوا اليهود كلهم عن آخرهم.
وفي نزهة الناظر: فكان وزيره سعد الدولة يهوديا، وقد تولى أمره، وقام على المغول كلها، وصار في نفوسهم منه أمر عظيم، ولما سقى سعد الدولة. ملكهم أرغون قتلوه، وسلبوا جميع أمواله، وقتلوا جماعة من أهله.
وقال ابن كثير: وكان أرغون شهما، شجاعا، سفاكا للدماء، قتل عمه السلطان أحمد بن هولاكو فعظم في أعين المغول، وعظم شأنه.
وجاء الخبر بوفاة أرغون إلى السلطان الأشرف، وهو محاصر عكا، ففرح بذلك.
وكانت مدة ملك أرغون ثمان سنين، وقد وصفه بعض مؤرخي العراق بالعدل والسياسة الجيدة.
تلابغا بن منكوتمر بن طغان بن طربو بن دوشى خان بن جنكزخان، ملك التتار بالبلاد الشمالية، الجالس على كرسي بركة.
توفى في هذه السنة، وذلك أنه لما سار إلى غزو بلاد الكرك - كما ذكرنا - وسار نوغيه إليه، وقضيا منها الوطر، وعاد كل منهما إلى مقامه ومشتاه، سلك نوغيه الطريق المستسهل، فوصل بعسكره سالما، وسلك تلابغا السبل المستصعبة، فهلك أكثر من معه جوعا وبردا وضياعا على ما شرحناه، فتمكنت العداوة بينه وبينه، وساءت فيه ظنونه، وأزمع الإيقاع به، واتفق على ذلك مع من حوله من بطانته وأولاد منكوتمر المنحازين إلى فئته. وكان نوغيه شيخا مجربا، وبممارسة المكائد مدربا، فنمى إليه ما هم به تلابغا فيه، وأنه جمع له العساكر، ثم أرسل يستدعيه موهما أنه يحتاجه لمشورة يحضرها عنده.
فراسل نوغيه والدة تلابغا، وقال لها: إن ابنك هذا ملك شاب، وأنا أشتهي أنصحه وأعرفه مصالح تعود على ترتيب قواعده، وتقرير مصادره وموارده، ولا يسعني أن أبديها له إلا في خلوة، بحيث لا يطلع عليه سواه، وأشتهي أن ألقاه في نفر يسير، ولا يكون حوله أحد من العساكر التي جمعها إليه، فمالت المرأة إلى مقالته، وانخدعت لرسالته، فأشارت على ولدها بموافقته، وثنت عزمه عن مفاسدته، ففرق تلابغا العسكر الذي كان قد جمعه، وأرسل إلى نوغيه ليحضر إليه.
فتجهز وجمع عسكره، وأرسل إلى أولاد منكوتمر الذين كانوا يميلون إليه، وهم: طقطا، وبرلك، وصراى بغا، وتدان بان، فلحقوا به، ثم أسرع السير حتى قرب من مقام تلابغا الذي أعد للاجتماع فيه. وترك العسكر الذين معه، ومن حضر إليه من أولاد منكوتمر المذكورين كمينا في مكان، واستصحب معه نفرا قليلا، وتوجه نحو تلابغا، فسار ليتلقاه، وحضر معه ألغى، وطغر لجا، وملغان، وقدان، وقتغان، أولاد منكوتمر.

اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين    الجزء : 1  صفحة : 233
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست