اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 19
وفي تاريخ النويري: ولما قتل أقطاي تفرقت أصحابه وانعزل منهم جماعة، تقدير اثنى عشر نفراً، وخرجوا هاربين خوفاً من المعز، فوقعوا في التيه، فذكروا أنهم أقاموا فيه خمسة أيام حائرين؛ ثم نفذ زادهم وماؤهم في اليوم السادس، ولاح لهم سوادٌ على بُعد، فقصدوه، فإذا هو مدينة عظيمة ذات أسوارٍ وأبواب حصينة كلها من الرخام الأخضر، فدخلوها، فوجدوا الرمل ينبعُ من أرضها كنبع الماء، فطافوا بأسواقها ودورها، فلم يجدوا بها ما يأخذون، لأن جميع أوانيهم وملابسهم تتفتتُ كالهباء إلا أنهم وجدوا في بعض المواضع تسعة دنانير منقوش عليها صورة غزال وحوله أسطر بالعبرانية، ثم وجدوا مكاناً ابريدون فحفروه، فطلعت لهم بلاطة، فرفعوها فإذا صهريج ماءٍ أبرد من الثلج، فشربوا واستقوا وسافروا تلك الليلة، فوقعواعلى قبيلة من العرب، فحملوهم إلى الملك المغيث صاحب الكرك، فأمر بهم فنزلوا في الربض، ثم عرضوا تلك الدنانير على الصيارف، فقال بعضهم: هذه ضربت في أيام موسى عليه السلام، فسألَنا عن قصتها، فأخبرنا، فقال: هذه المدينة الخضراء بنيت لما كان بنو إسرائيل في التيه، ولها طوفان من رمل، فتارةً يزيد وتارة ينقص، وهى مخفيةٌ لا يقع عليها إلا تائهٌ، ثم بعْنا كل دينار بمائة درهم. ذكرُ هلاك صرطق بن دوشى خان
بن جنكزخان صاحب البلاد الشمالية:
مات في هذه السنة حتف أنفه، وكانت مدة مملكته سنةً وشهراً، ولم يكن له ولد يلى المملكة بعده، وكان براق شين زوجة طغاى بن أخيه باطوخان قد أرادت أن تولى ولدها تُدانْ منكو السلطنة، وكانت لها بسطةٌ وتحكمُ، فلم يوافقها الخانات أولاد باطو وبقية الأمراء، فلما رأت أنهم لم يوافقوها راسلت هلاون، وأرسلت إليه نشاباً بلا ريش، وقباء بلاد بنود، وبعثت تقول له: قد فرغ الكاشن من النُشاب، وخلا القرنان من القوس، فتحضر لتتسلم المُلك.
ومعنى هذه الرسالة: إنه لم يبق ممانع ولا مدافع، ثم سارت في إثر الرسول تقصد اللحاق بهلاون وإحضاره إلى بلاد الشمال.
وكان أول من دخل البلاد الشماليَّة، ومملكتها من أولاد جنكزخان دوشى خان، واستقر بها إلى حين هلاكه، فملكها بعده ولده باطوخان، ثم ملكها بعده ولده الثانى صرطق، فلما عزمت براق شين على ذلك، بلغ القوم ماأرادته، فأرسلوا في إثرها، وأعادوها كارهةً، وغرقوها جزاء بما فعلت.
ذكر جلوس بركة في المملكة
ولما جرى ما ذكرنا، جلس بركة خان في كرسى المملكة، وبركة خان هذا هو ابن باطوخان بن دوشى خان بن جنكزخان، ولما ملك البلاد أسلم وحسن إسلامه، وأقام منار الدين، وأظهر شعائر المسلمين، وأكرم الفقهاء والعلماء، وأدناهم، وأبرَّهم، ووصلهم، واتخذ المساجد والمدارس بنواحى مملكته، وأخذ بالإسلام جُلَّ عشيرته، ونفذ أمرُه، وامتدَّت أيامهُ، وأسلمت زوجته حجك خاتون، واتخذت لها مسجدا من الخيم يحمل معها حيث اتجهت، ويضرب حيث نزلت، وكان من شأنها وشأن زوجهاما سند كره إن شاء الله تعالى.
اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 19