اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 166
ولما تم خلع السلطان الملك السعيد وإرساله إلى الكرك، عرضت السلطنة على الأمير سيف الدين قلاون، وقال له الأمراء الأكابر الذين ذكرناهم: أنت أولى بتدبيرها، وأحق بتقليد أمورها، فأبى وقال: أنا لم أخلع الملك السعيد شرها إلى السلطنة وحرصا على المملكة، لكن حفظاً للنظام وأنفة لجيوش الإسلام أن يتقدم عليهم الأصاغر، ويمتهنوا منهم الأعيان والأكابر، ويضيّعوا مصالح العسكر، والأولى أن لا يخرج الأمر من ذرية الملك الظاهر، فأقام الأمير بدر الدين سلامش المذكور وله من العمر سبع سنين وشهور، وأجلس في السلطنة، وخطب له على المنابر في الأمصار، وذكر اسمه في الأقطار، وضربت السكة باسمه، وذلك في شهور ربيع الأول من هذه السنة، واستقر الأمير سيف الدين قلاون الألفي في الأتابكية، واستوزر الصاحب برهان الدين الخضر أبي الحسن السنجارى لمعرفته به وبأخيه بدر الدين قاضي القضاة من الأيام الصالحية، وذلك لأن الصاحب بهاء الدين على بن محمد كان قد توفي في أوائل هذا العام والملك السعيد بالشام، كانت مزارته له ولأبيه من قبله تقدير تسع عشرة سنة.
ذكر تولية سنقر الأشقر في نيابة دمشق
وقد ذكرنا أن نائب الشام عز الدين أيدمر الظاهرى قد قبض عليه وحبس في قلعة القاهرة، وكانت شاغرة من النائب، فنهض سيف الدين قلاون وولى الأمير سنقر الأشقر نائبا بها، وكان الذي يتولىّ أمر دمشق إلى هذا الوقت بعد مسك نائبه المذكور الأمير أقوش الشمسى، فلما قدم النائب الجديد وهو سنقر الأشقر إلى دمشق فوض إلى أقوش الشمسى نيابة السلظنة بحلب، فسار وتولاها، واستمر الحال على ذلك مدة يسيرة.
وقال ابن الكثير: وعزل قضاة مصر الثلاثة: الشافعىّ والحنفى والمالكىّ، وولى القاضي صدر الدين عمر بن القاضي تاج الدين عبد الوهاب بن بنت الأعز، عوضا عن تقىّ الدين بن رزين، " وكأنهم إنما عزلوا لكونهم توقفوا في قضيّة الملك السعيد، والله أعلم ".
ذكر سلطنة الملك المنصور قلاون الألفي
الصالحى
ولما حكم قلاون في أتابكتّه أحضر من كان البحرية الصالحية منسياً، وقرب من كان منهم مبعداً مقصيّا، فأعطاهم الإقطاعات، وأمرهم بالطبلخانات، وأرسل بعضهم إلى الجهات الشاميّة، واستنابهم في القلاع، وأحسن إليهم ما استطاع، ومنهم من عينّ له جامكية، ومنهم من رتّب له جراية، وجازى المماليك الظاهرية بسوء أفعالهم، وأذاقهم وبال أمرهم، وأمر وبالهم، وقبض على أعيانهم الذين سعوا في تخريب بيت مخدومهم وبيوتهم، وأرسلهم إلى الثغور، فأودعوا السجون، ومع ذلك لم يقطع عنهم برا، ثم أفرج عنهم واحدا بعد واحد على أحسن حال، وأعاد على بعضهم إمرته.
ولما أحكم تدبير الأمور، وأحسن سياسة الجمهور، اجتمع أكابر الأمراء وأماثل ذوي الآراء على أنه لا فائدة في بقاء ذلك الصبي لانتشار السمعة في البلاد، وامتهان الحرمة في أنفس الحواضر والبواد، وأن الرأي جلوس المخدوم في الدست استقلالا ليزداد بهجة وجلالا.
فأجابهم بالاستبداد بالأمور، ولقب الملك المنصور، وخلع سلامش من السلطنة، فكانت مدته مائة يوم.
وجلس سيف الدين قلاون على تخت السلطنة في الطالع الأسعد، والوقت الأحمد، يوم الأحد، وكان طالع جلوسه بالأسد الثاني والعشرين من رجب الفرد سنة ثمان وسبعين وستمائة، وخطب له على المنابر، وجاءت البيعة إلى دمشق فوافق الأمراء وحلفوا، ويذكر أن الأمير شمس الدين سنقر الأشقر النائب لم يحلف مع الناس ولم يرض بما وقع، وكأنه داخله حسد من المنصور، وخطب للمنصور على المنابر المصرّية والشامية والحلبية، وضربت السكة باسمه، وجرت الأمور في البلدان بمقتضى رأيه وحكمه، فعزل عن الوزارة برهان الدين السنجاري وولى مكانه مجد الدين بن لقمان كاتب السّر وصاحب ديوان الإنشاء بالديار المصرّية.
قال بيبرس مماوكه: لما تولى سيف الدين قلاون السلطنة رفع قدر عتقائه وألزامه، وصيّرهم ولاة الأمور وقادة للعساكر ونوابا في المماليك.
ذكر أسماء مماليكه
الذين كانوا في خدمته في زمن الإمرة
الأمير حسام الدين طرنطاي.
الأمير زين الدين كتبغا.
الأمير حسام الدين لاجين.
الأمير شمس الدين قراسنقر.
الأمير عز الدين أيبك الخزندار.
الأمير سيف الدين الطباخي.
الأمير علم الدين سنجر الشجاعي.
الأمير سيف الدين قطز.
اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 166