اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 155
وقال بيبرس، فكتم الأمير بدر الدين بيلبك الخزندار نائبه موته عن العساكر، وأظهر أنه مستمرّ المرض، ورتب حضور الأطباء وعمل الأدوية والأشربة على العادة، وحمل جسده إلى قلعة دمشق، فبقي فيها مصبراً إلى أن بنيت له التربة المذكورة، ثم إن الأمير بدر الدين الخزندار رحل بالعساكر المنصورة والخزائن مصونة موفورة، والأطلاب مرتبة منتظمة والمحفّة محمولة في المواكب محترمة كأن السلطان فيها مريض ولا يجسر أحد يتفّوه بموته، إلا أن الظنون ترجمت، والأفكار في أمره تقسمت، وغلّب الناس أمر وفاته على مرضه وحياته، ولم تزل الحال مرتبة في النزول والترحال إلى أن وصلوا إلى القاهرة المحروسة، وحصلت الخزائن، البيوتات والخيول والاسطبلات في قلعة الجبل فأشيع مماته، وأظهرت للناس وفاته، واستقر ولده الملك السعيد مكانه.
وقال المؤيد في تاريخه: وفي سنة ست وسبعين يوم الخميس السابع والعشرين من المحرم توفي السلطان الملك الظاهر بيبرس الصالحي بدمشق، وقت الزوال، عقيب وصوله من جهة بلاد الروم إلى دمشق، وقد ذكرنا أنه دخل دمشق في اليوم الخامس من محرم هذه السنة، ومات في السابع والعشرين منه، فتكون مدة إقامته بدمشق من بعد دخوله ثلاثة وعشرين يوما.
السابع في
مدّة سلطنته
قال بيبرس: مدة مملكته ثمانية عشرة سنة وشهرين وعشرة أيام.
وقال النويرى: وكانت مدّة الملك الظاهر نحو سبع عشرة سنة وشهرين وعشرة أيام لأنه ملك في سابع عشر ذي القعدة سنة ثمان وخمسين وستمائة، وتوفى السابع والعشرين من محرم سنة ست وسبعين وستمائة، وكذا قال المؤيد في تاريخه.
الثامن في أولاده وما رثي به
قال النويرىّ: وخلّف من الأولاد: الملك السعيد ناصر الدين بركة خان، ونجم الدين أمير خضر، وبدر الدين سلامش، وثلاث بنات.
وقال غيره: خلف من الأولاد عشرة، ثلاثة ذكوروهم المذكرون
وسبع بنات
وما رثى به ما قاله محيى الدين بن عبد الظاهر يرثي به الملك الظاهر:
أبدا عليك تحيّة وسلام ... يا قبر من فجعت به الإسلام
يا تربة لولا الحياء من الحيا ... أمسى سجال الدمع فيك سجام
يا دمع عبني مثل دمع سحابة ... هيهات بين الدمعتين زحام
فسبقت كل سحابة هطالةٍ ... يثى عليها مندّلٌ وبشام
تنهل منك نوال ساكنك الذي ... من كفه فوق السماح يسام
الظاهر السلطان من بمصابه ... هدّ الهدى وتضعضع الإسلام
وغدت دمشق بقبره وحلوله ... فيها نتيه على الوجود شام
قبربه تتضاعف الأقسام من ... بركاته وتوكد الأقسام
قبربه تتوسل الآمال في ... حاجاتها وتصرف الأحكام
قبر الذي لو أنصفته قلوبنا ... ما أصبحت لمسرّة تستام
قبر الذي قلع القلاع ... سكانها وله الحصون خيام
قبر الذي قهر التتار فأصبحوا ... ولهم إذا ناح الحمام حمام
وقال بيبرس: قال القاضي محي الدين بن عبد الظاهر يريثه أبياتا أولها:
ما مثل هذا الرزء قلب يحمل ... كلا ولا صبر جميل يجمل
الله أكبر إنها لمصيبةٌ ... منها الرواسي خيفةً تتقلقل
ما للرماح تخولها رعدة ... ألتركها أن ليس تعقل تعقل
لهفى على الملك الذي كانت به ... الدنيا تطيب وكلّ قفر منزل
الظاهر السلطان من كانت له ... منن على كلّ الورى وتطول
لهفى على آرائه تلك التي ... مثل السهام إلى المصالح ترسل
لهفى على تلك العزائم كيف قد ... غفلت وكانت قبل ذا لا تغفل
سهم أصاب وما رثى من قبلة ... سهم له في كل قلب مقتل
أنا إن بكيت فإن عذرى واضحٌ ... ولئن صبرت فإنني أتمثل
خلف السعيد لنا الشهيد ... فأدمعٌ منهلةٌ في أوجه تتهلل
ذكر سلطنة السلطان الملك السعيد
ناصر الدين بركة خان
اسم الکتاب : عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان المؤلف : العيني، بدر الدين الجزء : 1 صفحة : 155